"برأيك ما أكثر ما أخشاه حين يرغمني وليد على الاعتراف أمام الناس بالنصب والاحتيال؟".ثم نظرت إلى يارا بنظرة مبهمة وأردفت قائلة: "شاهد ودليل يقفان ضده، أما الدليل فقد سرقه، وأما الشاهد.….."."أنا هي الشاهدة؟"، تحسست يارا أنفها لما تجلت لها الحقيقة."يمكنني أن أقف وأشهد لك"، ثم تخصرت بكلتا يديها وقالت بكل حماس: "حينها يمكننا أن نسقط عنه ذلك القناع الزائف، ونكشف للجميع حقيقة هذا الشخص".هزت ريم رأسها وقالت وعلى شفتيها ابتسامة خفيفة: "لا، لا تذهبي، كل ما ينبغي عليك فعله هذين اليومين أن تأخذي إجازة"." إجازة؟"."نعم، إجازة! وليد لا يحتاجك أن تشهدي له، هو فقط يريد ألا يشهد لي أحد، وإذا غادرتِ حينها، فسيكون ذلك مثاليًا بالنسبة له".أضف إليه أن يارا إذا استقالت مباشرة في تلك اللحظة الحرجة، فإن وليد -بطبعه المتعنت- لن يدعها ترحل بسلام؛ بل سيتهمها بالتقاعس عن أداء الواجب، وهذا خيار مثالي بالنسبة له.كانت يارا لا تزال قلقة: "لكنني يجب أن أقف إلى جانبك في ذلك الوقت يا ريم، ألا يعد هروبي حينها فرارًا من المعركة؟"."أيتها الحمقاء، هذه ليست معركة، وهذا ليس فرارًا!"، ثم لم تتمالك ريم نفسها عن
انطلقت السيارة بسرعة البرق، وسرعان ما تمكنوا من الفرار من السيارة التي كانت تلاحقهم.التفتت ريم بعد لحظة إدراك وقالت: "لقد أرسل رجالًا يتبعونني، يريد أن يعرف هل ما زلت على تواصل مع شركة أنفاس الورد للعطور"."آه"، رفع السيد سعيد حاجبيه وقال: "هل وعدتيه بعدم الذهاب إلى شركة أنفاس الورد للعطور؟"."لم أعده بأي شيء، لكنه ربما يظن أنه قد استطاع إقناعي".في الحقيقة لم تعده ريم بأي شيء، لكن وليد ظن أنه نجح في خداعها ثانية بكذبته السخيفة تلك.فهذه ليست المرة الأولى، وهي لا تختلف عن المرات السابقة، لقد اعتاد الأمر منذ فترة.لكنه لم يكن يعلم أن ريم التي وثقت به سابقًا، لما رأت بعينيها خيانته ونذالته، وعلاقته غير المشروعة بكارمن، انهارت ثقتها به كليًا، وما عادت تثق بكلمة أو حرف واحد مما يقول."ماذا تنوين أن تقعلي إذًا؟".لم يتدخل السيد سعيد في قرارها، على الرغم من شعوره ببعض الرغبة وشيء من الفضول.….كيف ستتصرف في هذا الموقف.بصراحة، ذلك الوغد المدعو وليد آذاها بشدة، في البداية كان ينوي أن يطالب لها بحقها، لكن الآن بعد أن استغنت زوجته تمامًا عن حمايته، صار يحق لها أن تتصرف بطريقتها.نظرت ر
قال السيد سعيد ضاحكًا كما لو أنه استطاع حقًا قراءة أفكار ريم،: "لست من هواة تقفي الأثر، لكن لي عينان أبصر بهما وأذنان أسمع بهما!".ثم وخزها في بطنها بإصبعه، فتظاهرت ريم بعدم الشعور بألم، لكنها في ذلك الوقت أحست بقرقرة الجوع في بطنها.اصطحبها السيد سعيد إلى مطعم الحديقة المعلقة.كان مطعمًا مشهورًا في المدينة، ليس فقط لتصميمه الفريد؛ وإنما أيضًا للمنظر الخلاب من حوله.كان هذا المطعم قبلة الطبقة "الراقية"، وكان يقدم الطعام السوري بشكل رئيس، حيث استقدم طهاة بارعين من أمهر الطهاة في سوريا، لذا، فمهما كان زوقك، ستجد ما يلائمك في هذا المطعم.وبالطبع. كانت أسعاره غالية جدًا، لا يستطيع الشخص العادي تحملها.ومع هذا، كان الحصول على مقعد هناك يتطلب كثيرًا من الانتظار، وقد كانت بعض المقاعد محجوزة خصيصًا لبعض الأشخاص.نظرت ريم إلى الرجل الجالس أمامها وهو يتناول قائمة الطعام بأناقة ويقدمها إليها، كما أنه منذ نزولهما من السيارة، كان ثمة من يستقبلهما خصيصًا، كان الأمر معدًا له مسبقًا على ما يبدو.قال لها السيد سعيد: "اطلبي أنتِ".بدأ النادل في القيام على خدمتهم بتلطف: "ما نوع الأطباق التي تفضل
قالت ريم بشيء من المزاح: "لا داعي لذلك حقًا، اسمعيني يا يارا، لقد أرهقك العمل مؤخرًا، عليك أن ترتاحي قليلًا".فلما رأتها مصرة على رأيها، توقفت يارا عن نصحها: "حسن إذًا، أنت تعرفين أن ادي هاتفين، سأغلق هاتف العمل، وإذا طرأ شيء اتصلي على الهاتف الآخر"."نعم، استمتعي بوقتك".ولما أغلقت المكالمة، وجدت السيد سعيد يتأملها بنظره، فأطرقت ريم قليلًا وكأن شيئًا لم يحدث."ما الأمر؟"."هل دفعتها إلى الرحيل لأنك لا تريدين إقحامها في ذلك الأمر؟".ولما تطرق السيد سعيد إلى لب الموضوع مباشرة، تسمرت ريم في مكانها، ثم ضحكت قائلة: "ليس الأمر هكذا بالضبط"."يارا كانت دائمًا مساعدتي المقربة، ويمكنني القول إنها على دراية تامة بكل إنجازاتي. وقد عقد وليد عزمه هذه المرة على أن يكيل لي التهم الكاذبة والافتراءات، وإذا قرر النبش في الماضي، فإنهم بالتأكيد سيلجؤون إلى يارا للحصول على الوثائق، وإذا لم تكن يارا قد استقالت حينها، فسيتعين عليها الإفصاح عما تعرفه، شاءت ذلك أم أبت"."لذا فإن غيابها عن المشهد وقتئذ هو الخيار الأمثل".كانت ريم تواصل تناول طعامها وتباشر الحديث مع السيد سعيد في آن واحد.ثمة دائمًا س
"لقد شبعت"، خفضت ريم رأسها، وأحمر خدها قليلًا."إذاً، لنذهب الآن، دعينا نرتاح أولًا، فأنتِ بحاجة للراحة، سنناقش باقي الأمور غدًا".بدا السيد سعيد وكأنه يعلم ما يدور في ذهنها فقال: "بالنسبة لما ذكرتِهِ، سأطلب من فوزي أن يحل الأمر، لا تقلقي".بعدما قال ذلك، لم تشعر بالاطمئنان فحسب، بل كانت في قمة الراحة والسكينة.فالشعور بأن هناك من يقرأ أفكارك قبل أن تتكلم، ويقوم بتنظيم كل شيء لك بشكل مثالي، هو شعور لا يوصف ولا يضاهي جماله أي شعور آخر.بينما كانت تجلس ريم في السيارة مع السيد سعيد، سألها السيد سعيد فجأة: "هل الشقة التي تسكنين فيها الآن هي شقة مؤجرة؟""أجل"."اتركيها، وانتقلي لتعيشي معي".ثم أمسك بيدها برفق وهو يتحدث معها.تسارعت نبضات قلب ريم فجأة، فقبضت على أصابعها قليلاً، ثم خفضت رأسها وفكرت فيما يقوله في صمت.لم يكن مستعجلاً في دفعها للإجابة، بل ظل صبورًا، ممسكًا بيدها بهدوء، وينظر إلى الأمام وكأنه ينتظر ردها.في الواقع، كانت ريم على علم بأن هذا اليوم سيأتي، لكنها لم تتصور أنه سيأتي بهذه السرعة.على أي حال، لقد حصلوا على شهادة زواجهما، ويمكن القول أنهم... تشاركوا سرير واحد، وفي النهاي
"أنا أحب الهدوء، وهناك سيدة تأتي كل يومين لتنظيف المنزل" قال وهو يفك ربطة عنقه: "سأذهب للاستحمام، يمكنكِ أن تستريحي قليلًا، يوجد غرفة ملابس فارغة بالداخل، يمكنكِ وضع أغراضكِ فيها".قال كلامه هذا وكان قد دخل إلى غرفته بالفعلاستمعت ريم إلى صوت تدفق الماء القادم من الغرفة الداخلية، وشعرت ببصيص من الارتياح.فبعدما وجدت نفسها في هذا المكان الغريب، كانت في أمس الحاجة إلى بعض الوقت للتأقلم.كانت الفيلا فسيحة، تتكون من ثلاثة طوابق تقريبًا، وكان الطابق العلوي عبارة عن علية منخفضة الارتفاع، بينما تمتد المساحة الرئيسة للفيلا على كونها فسيحة متسعة.غلبت الألوان الباردة والخطوط البسيطة الأنيقة على ديكورات المكان وكأنها تعكس شخصية مالكه: باردة حازمة دؤوبة.دخلت ريم إلى الغرفة حاملة حقيبتها، وشعرت بدهشة بسبب حجم غرفة الملابس وما بها من تجهيزات.تبدو الغرفة وكأنها غرفة عادية لا شيء مميز فيها، ففي داخلها، بجانب خزانتي ملابس تحتويان على ملابس رجالية مرتبة، لا يوجد شيء آخر سوى مساحة فارغة لا شيء فيها.لم يكن لديها سوى بضع قطع من الملابس، علقتها واحدة تلو الأخرى، ثم أخرجت كيسًا صغيرًا به جميع وثائقها الم
اغرتها بشرته السمراء وعضلاته الممشوقة حتى كادت تمد يدها لتلمسهم.ابتلعت ريقها بصوت مسموع."ريم، ريم؟".لم تُجب فظن وليد أنها اغلقت الخط، فناداها عدة مرات.في هذه اللحظة، فتحت ريم عينيها على آخرهما، وهي ترى السيد سعيد ينحني بجسده الطويل نحوها، ووجهه الوسيم يقترب من وجهها أكثر فأكثر.حبست أنفاسها، ثم ..........عندما كادت شفتيه تلامسان شفتيها، مال بوجهه فجأة قليلاً، وقبَّلها بلطف بالقرب من أذنها، ثم اعتدل ودخل مباشرة إلى غرفة الملابس."بوووم! طاااخ!"انزلق الهاتف من يدها وتدحرج على السجادة مرتين.لولا هذه السجادة، لتحطم الهاتف تمامًا.حينها انزعج وليد، الذي كان ينتظر ردها من الجهة الأخرى من الهاتف، بسبب الصوت العالي الذي صدر إثر سقوط الهاتف، فسرعان ما أبعد الهاتف عن أذنه.وبعد أن تدارك الأمر، بدأ يصرخ: "ريم! ماذا تفعلين بالضبط؟ هل سمعتي ما قلته؟"انحنت ريم لالتقاط الهاتف، وعندما سمعت صراخ السيد وليد، مسحت الهاتف بهدوء، وتأكدت من عدم تعرضه لأي ضرر ثم قالت: "سيد وليد، إن كان هناك أمر طارئ، أخبرني به مباشرة"."أنتِ......."كبح وليد غضبه، وأخبر نفسه أنه يجب أن يتحمل مزاجها المتقلب هذا حتى تن
كان السيد سعيد معروف بقسوته، ومعاملته الجافة القاسية وأسلوبه الحاد، لم يتوقع أحد أبدًا أن يكون بهذه الرقة والاهتمام.وبالفعل، كانت درجة حرارة الماء مثالية، فاستمتعت ريم بحمام دافئ ومريح، ثم ارتدت ملابس نظيفة واستخدمت مستلزماتها الشخصية المريحة، مما خفف بشكل كبير من آلام الدورة الشهرية وجعلها تشعر بارتياح كبير.كان السيد سعيد محقًا، فعلاً لا حاجة للاستعجال، يجب عليها أن تأخذ قسطًا من الراحة.غفَت قليلاً بينما كان السيد سعيد يحتضنها، مما منحها شعورًا عميقًا بالأمان، استرخيا معًا، دون أن يفعلوا شيئًا سوى النوم، ولكن ريم شعرت حينها بسكينة وسعادة فريدة لم تعهدها من قبل.نامت ربما ساعة أو أكثر، وعندما استيقظت، وجدت أن هاتفها كان على وشك الانفجار من كثرة المكالمات.كان وليد كان مستعجلاً للغاية، وكلما استعجل، كلما زادت ريم في التراخي والتأجيل.وقفت بهدوء، وارتدت فستانًا أبيض بسيطًا، دون أي زينة أو تصميمات خاصة، كان تصميمه بسيطًا جدًا، لكنه كان يتناسب تمامًا مع قوامها، وعندما ارتدته، ظهرت بمظهر أنيق وجميل.وقبل أن تذهب، وقف السيد سعيد ولف يديه حول خصرها وقبَّل رقبتها، قائلاً: "لو كان الأمر بيدي