ندم زوجتي بعد الطلاق
ندم زوجتي بعد الطلاق
Por: لؤي الشعلان
الفصل 1 الطلاق
"قم بتنظيف الأرضية جيدًا."

"بعد قليل، ستأتي هند الهاشمي مع نور الدين التميمي من مدينة الشرق إلى منزلنا للتحدث عن العمل. إذا رأيت ذرة غبار واحدة، فلن أتركك."

كانت الحماة، خديجة السعيد، مستلقية على الأريكة، تنقع قدميها في الماء وتصدر أوامرها بغطرسة.

كان أحمد الجبوري يحمل الممسحة، ويتنقل بين الحمام والغرف مرارًا وتكرارًا دون أي شكوى.

"تأكل وتشرب من تعب ابنتي كل يوم، ومع ذلك لا تعمل بجهد. حتى تربية كلب ستكون أفضل منك، أيها العاجز."

رمت خديجة السعيد بنظرة إليه، ورفعت قدميها في تحدٍ، وألقتها بالماء من قدميها، ثم رفعتهما على الطاولة لتُظهر مكانتها في هذا المنزل

توقف أحمد الجبوري فجأة للحظة.

شعر بغضبٍ مفاجئٍ جعله يحكم قبضته.

"ماذا؟ هل تعترض؟"

"لا، يا أمي." قال أحمد الجبوري بابتسامةٍ متكلفةٍ.

تنهدت خديجة السعيد ببرود، وقالت: "من الأفضل ألا يكون لديك."

"تعال، امسح لي قدمي، وتخلص من ماء غسيلها."

اقترب أحمد الجبوري وانحنى على الأرض.

فجأة، قامت خديجة السعيد بركل حوض الغسيل، فاندلق الماء على أحمد الجبوري وبلل ملابسه.

"لا تظن أني لا أعرف ما الذي يدور في رأسك، هل تشتم في سرك؟"

"اسمعني أيها الجبوري، أنا الأكبر هنا، وابنتي نفسها تستمع إلي. إذا كان لديك أي استياء مهما بلغ حجمه، فالزم الصمت. هل تريد أن تعارضني؟ صدقني، سأرميك للمبيت في الشارع هذه الليلة!"

مسح أحمد الجبوري وجهه بهدوء، بينما علت وجهه ملامح الغضب المكبوت.

"يا أمي، تزوجت هند منذ ثلاث سنوات، ومن أجل دعم مسيرتها المهنية، تحملت كل شيء في المنزل دون تذمر فقط لأتأكد أنها لن تواجه أي ضغوط من عائلتها. لكن ألا تعتقدين أنك أفرطت في استغلالي هاتين السنتين؟"

تغيرت ملامح خديجة السعيد، وكأنها جلست على زنبرك. قفزت فجأة وصفعته على وجهه.

لم يتحرك أحمد الجبوري، وتلقى الصفعة بكل هدوء.

"أيها الجبوري، هل فقدت احترامك لي؟ كيف تجرؤ على معارضتي؟ كم أصبحت جريئًا!"

"أنت مجرد رجل بلا كرامة تعيش على حساب ابنتي، ومع ذلك لديك الجرأة؟ إذا كنت شجاعًا بالفعل، طلق هند. هل لديك الشجاعة لذلك؟" قالت خديجة السعيد بضحكة مريبة.

تنهد أحمد الجبوري بعمق.

كان يعرف تمامًا ما يدور في عقل حماته.

عندما تزوجا، لم تكن هند تملك شيئا، وكانت عائلتها مديونة بمئات الآلاف من الدولارات. كان هو من سدَد تلك الديون وساعدها في تأسيس شركتها الأولى.

في ذلك الوقت، كان صهرًا مثاليًا في نظر حماته.

لكن مع ازدهار مسيرة هند المهنية، بدأت خديجة السعيد تفكر في أمورٍ أخرى.

كانت تريد أن يتطلق الاثنين.

كانت ترغب في زواج هند من أحد أبناء العائلات الثرية لتشكيل تحالف قوي.

أرادت التخلص من هذا الرجل الذي أصبح بعد الزواج مجرد شخص يؤدي الأعمال المنزلية ويعتني بالعائلة.

كانت تعلم أن هند لن تطلب الطلاق أبدًا، لذا خططت لإجباره على الرحيل من خلال التضييق عليه وإذلاله ليتركها، ويتزوجها أحد أبناء العائلات الثرية.

ولكنها لم تكن تعرف أبدًا أن كل ما تملكه هند الآن، وكل ما حققته من نجاحات، كان بفضل دعمه الصامت من وراء الكواليس.

"لن أطلق هند."

عندما سمعت خديجة السعيد هذه العبارة، غضبت بشدة، ورفعت يدها لتضربه، لكن أحمد الجبوري أمسك بمعصمها في اللحظة المناسبة.

"آه! أنت تؤلمني! النجدة! إنه يضربني!"

"أحمد الجبوري، ماذا تفعل؟"

في هذه اللحظة، جاء صوت بارد من عند باب غرفة المعيشة.

امرأة ترتدي فستانًا أحمرًا طويلًا، بشرتها ناعمة كالمخمل، وشعرها الأسود كالحرير. تبدو كالأميرة في نبلها، وكالجليد في برودة ملامحها. كانت تتحرك بخطواتٍ رشيقة، بجسدٍ متناسقٍ لا يمكن للعيون أن تنصرف عنه.

دخول هند الهاشميغرفة المعيشة ذات الألوان الداكنة جعلها تضيء فجأة بحيوية.

وكان بجانبها شاب أنيق يرتدي بدلة رسمية، يملك هيبة أبناء العائلات الثرية.

"هند، أنا…"

"هند، أخيرًا عدت! انظري إلى هذا الوغد، بمجرد غيابك يحاول التنمر علي. لقد ركل حوض الغسيل وأراد ضربي!" جلست خديجة السعيد على الأرض، وبدأت بالبكاء والصراخ.

"أمي، قومي أولًا."

"طالما أنا هنا، لن يتجرأ أحد على إيذائك."

قامت هند الهاشمي بفرك جبهتها بتعب واضح.

"هند، لم أفعل…"

"كفى!"

قاطعته هند بصوت حازم قبل أن يكمل كلامه.

"أحمد الجبوري، أنا مرهقة حقًا، وأنت خيبت أملي كثيرًا."

"ساعد أمي على الوقوف واعتذر لها." قالت هند بنبرة لا تقبل النقاش.

نظر أحمد الجبوري إليها مصدومًا، وكان بريق عينيه يتلاشى تدريجيًا مع تصاعد شعور قوي بخيبة الأمل في داخله.

"ألم تسمع ما قلت؟ قلت لك اعتذر لأمي!"

"لا بأس، الأمر كله خطأي. أنت مرهقة جدًا من عملك خارج المنزل، والآن عليك الاهتمام بمشاكل البيت. لا بأس بأن أتحمل بعض الإهانة." قالت خديجة السعيد بنبرةٍ مليئةٍ بالشكوى.

"هند، في عائلاتنا الثرية، من يعصي أوامر العائلة يحرم من جميع الموارد المالية. أما إذا تجرأ أحد الأبناء على معارضة كبار العائلة، فيعاقب بشدة، وأحيانًا يطرد نهائيًا. وبالنسبة لضرب الكبار، فهكذا أشخاص يعاملون كالكلاب!"

تقدم الشاب الأنيق بجانب هند الهاشمي، نور الدين التميمي ليمد يده ويساعد خديجة السعيد على الوقوف.

"خالتي، هل أنت بخير؟ هل تحتاجين الذهاب للمستشفى؟"

"لا، لا حاجة. لم أتعرض لأي أذى."

ابتسمت خديجة السعيد بسعادة وهي تنظر إلى نور الدين التميمي، وقالت: "لابد أنك الشاب التميمي من مدينة الشرق! سمعت عنك كثيرًا من هند. يا ليتك تكون صهري! سيكون هذا بالنسبة لي حلمًا يتحقق!"

"أمي!" قالت هند الهاشمي بحدة وهي تنظر إليها بانزعاج.

"هند، هل ما زلت أعني لك شيئًا؟"

سأل أحمد الجبوري فجأة وهو يقف جانبًا.

أدار نور الدين التميمي رأسه قليلًا لينظر إليه، وقال: "أنت أحمد الجبوري، صحيح؟ سمعت عنك عدة مرات أثناء حديث هند."

"بصراحة، أنت مجرد كلب يعيش على ما يقدمه له الآخرون. من أنت لتتحدث عن الاحترام؟"

خفضت هند الهاشمي رأسها دون أن تجيبه. ثم أخذت نفسا عميقا وأخرجت من حقيبتها عقدًا مكتوبًا.

"أحمد الجبوري، فكرت طويلًا، وأعتقد أنه من الأفضل أن ننفصل."

وضعت اتفاقية الطلاق على الطاولة. كان من الواضح أنها أعدتها منذ فترة طويلة لكنها ترددت في إخراجها.

على عكس الحزن الذي ظهر على وجه أحمد الجبوري، كانت خديجة السعيد على وشك القفز من شدة السعادة.

كانت تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لتتخلص من هذا الرجل العاجز. لحسن الحظ، لم يكن لديهما أطفال، وإلا لكانت حياة ابنتها ستتدمر.

"لماذا؟"

طأطأ أحمد الجبوري رأسه وحدق في اتفاقية الطلاق. بالرغم من كثرة التساؤلات التي دارت في ذهنه، لم يستطع سوى أن يسأل: "لماذا؟"

لماذا؟ هذا الوغد يجرؤ على السؤال؟ كادت خديجة السعيد تصاب بنوبة قلبية من الغضب، وقبل أن تبدأ بالصراخ، أشارت إليها هند الهاشمي بأن تصمت.

ثم تقدمت هند نحو أحمد الجبوري وأعطته قلمًا.

"إذا كنت تريد أن تعرف السبب، فهو أننا نسير في طريقين مختلفين. ما نراه وما نعيشه أصبح مختلفًا تمامًا. أنت لست الرجل الذي يمكنه مرافقتي في رحلتي نحو القمة. نحن نتباعد فقط، وهذا الزواج محكوم عليه بالفشل."

"بلوغ القمة......"

تنهد أحمد الجبوري بعمق، ولم يكن واضحًا ما إن كان يبتسم أم يبكي. "عندما اخترتك، كنت أعرف أنك طموحة جدًا. أحببتك، لذلك تخليت عن كل شيء لدعم أحلامك. كنت أعتقد أنك بمجرد بناء شركتك وتحقيق الاستقرار، ستتوقفين للحظة وتنظرين إلى الشخص الذي كان دائمًا بجانبك."

"لكنني لم أتوقع أن ينتهي بي الأمر بسماع مثل هذه الكلمات."

كانت هند الهاشمي تشعر بالذنب، ولم تجرؤ على النظر في عيني أحمد الجبوري، فأخرجت من محفظتها بطاقة مصرفية كانت قد أعدتها مسبقًا.

"لا جدوى من الحديث. هنا مليونا دولار، مليون لسداد المعروف الذي قدمته لي في السابق، ومليون آخر كتعويض عن الطلاق. بالإضافة إلى ذلك، السيارة التي اشتريناها عند الزواج والشقة في حي السلام ستكونان من نصيبك."

"هل هذا لا يكفي؟" عندما رأت أن أحمد لم يتحرك، أخرجت بطاقة أخرى، وقالت: "هنا مليونا دولار إضافيان. المجموع أربعة ملايين. أعتقد أنني فعلت كل ما يمكنني فعله. خذها، على الأقل ليبقى بيننا بعض الذكريات الجيدة."

"هند، هل جننت؟ كان يجب أن ترمي هذا الوغد خارجًا دون أن تعطيه قرشًا واحدًا! أليس من الأفضل أن تستخدمي هذا المال لرعاية أمك أو لشراء منزل إضافي لأخيك؟"

"أمي، سأتدبر أموري بنفسي. لا تتدخلي."

كانت هند الهاشمي حازمة في كلامها.

أخذ أحمد الجبوري البطاقات المصرفية التي قدمتها هند، ثم رماها بلا مبالاة على الطاولة، وقال: "يبدو أنك الآن تفضلين حل كل شيء بالمال. هل الثروة والسلطة مهمتان لهذه الدرجة؟"

التفتت هند الهاشمي، ونظرت من خلال النافذة إلى الأفق البعيد، وعيناها تحملان لمحة من أحلام كبيرة كالمحيط والنجوم.

"أن تبلغ القمة وتنظر إلى كل شيء من الأعلى، هذا حلم لا يستطيع أولئك الذين يقفون في القاع فهمه. هذه هي الفجوة بيننا، ولن تفهم أبدًا ما أريده حقًا."

من وجهة نظر هند الهاشمي، اختلاف المستويات الفكرية يجعل استمرار الزواج بلا فائدة، بل يزيد من معاناة الطرفين.

"نعم، هذا صحيح." قال أحمد الجبوري وهو يهز رأسه: "لن أفهم أبدًا ما تريديه. كل ما كنت أفعله هو أن أحمل لك المظلة عندما تمطر، وأعد لك العلاج عندما تؤلمك معدتك، وأركض كل صباح مسافة طويلة لأشتري لك الفطور الذي تحبينه، وأبقي المنزل نظيفًا ومرتبًا لتعودي إليه وأنت في حالة مزاجية جيدة."

تنفس أحمد الجبوري بعمق، ثم أشار إلى نور الدين التميمي، وقال: "سمعت شائعات كثيرة عن تقربك منه مؤخرًا. هل هو أحد أسباب رغبتك في الطلاق؟"

ترددت هند الهاشمي قليلًا، ثم أومأت برأسها قائلةً: "هذا صحيح."

"حسنا، لقد حصلت على الإجابة التي أريدها."

"أتمنى لك السعادة في المستقبل."

لم يتردد أحمد الجبوري بعد ذلك، أمسك بالقلم ووقع اسمه على اتفاقية الطلاق.

الطيور والأسماك لا تسلكان الطريق نفسه، ومنذ هذه اللحظة، لن يلتقي دربهما أبدًا. تحول بريق عينيه الدافئ إلى برودةٍ قاتلةٍ.

دفع البطاقتين المصرفيتين اللّتين تحتويان على أربعة ملايين دولار باتجاه هند الهاشمي، ثم مد يده إلى القلادة المعلقة حول رقبتها، وأخذها قائلًا بعينين حمراوين: "سأحتفظ بهذه القلادة، أردت تقديمها لزوجتي، وأنت الآن لم تعودي كذلك."

لم تقل هند شيئًا، وأعطته القلادة. كان الحزن واضحًا في عيني أحمد الجبوري وهو يلتفت ويقول: "هند، بصراحة...... أنا نادم على معرفتك."

راقبت هند الهاشمي أحمد وهو يغادر، ولم يلتفت. شعرت بشيء ما يتركها، وكأن فراغًا كبيرًا اجتاح قلبها.

في هذه اللحظة، لم تسعد هند الهاشمي بالحرية كما تخيلت. كل ما شعرت به كان فراغًا وغصةً غريبة.

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP
capítulo anteriorcapítulo siguiente

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP