الفصل 2
"كيف يمكن لهذا الشخص أن يكون وقحًا هكذا؟" سارت ياسمين إلى الباب ونظرت بضيق، حيث حاولت فتح باب غرفة كبار الشخصيات، لكنه كان مغلقًا من الداخل.

"مرحبًا..." في غرفة كبار الشخصيات، كان مدير الحساب مسترخيًا على الأريكة ناظرًا إلى هاتفه المحمول، حينها سمع صوت الباب وهو يُفتح فجلس جيدًا ولكن عادة عندما يأتي كبار الشخصيات، تُبلغه مديرة الردهة ياسمين مقدمًا، ما الذي يحدث اليوم؟

وقف المدير دون وعي مُتجهًا نحو شريف، بصفته مدير حساب كان يعرف الإحدى وثلاثين شخصًا من كبار الشخصيات حق المعرفة، حيث أراد إلقاء التحية على الزائر للتخلص من تأثير موقفه غير اللائق توًا ولكن عند رؤية شريف، كان تعبيره راكد.

كان متيقنًا من أن شريف لم يكن من كبار الشخصيات، بل أيضًا لم يكن قريبًا لأحد كبار الشخصيات.

"معذرة، هل أنت..." بالنظر إلى الشاب البالغ من العمر عشرين عامًا، لم يستطيع المدير حقًا تحديد هويته.

"أنا هنا لسحب الأموال،" دخل شريف مباشرة إلى صلب الموضوع مُوضحًا هدفه.

"هل لديك بطاقتنا العليا؟" جعل تعبير شريف الهادئ المدير أكثر تشككًا، إن عملاء غرفة كبار الشخصيات لا تقل ودائعهُم عن ثلاثين مليون دولار، فمن الواضح أن هذا الشاب لا يملك هذا المبلغ ولكن لماذا هو هادئ هكذا؟

"لا" اعترف شريف بسلاسة.

"آسف يا سيدي، لا يمكننا التعامل بدون البطاقة، هل لديك أي شيء آخر؟" حينما سمع إجابته، شعر المدير بالارتياح التام وغيّر طريقة مُخاطبته مباشرة بدون تكليف.

فمن المؤكد أن هذا الشاب مختل عقليًا، كيف لياسمين ألا تُميز لهذه الدرجة حتى أنها سمحت له بالدخول؟ فيجب ذِكر هذه المشكلة باجتماع يوم الاثنين.

"هل لديك نظام التعرف على بصمات الأصابع هنا؟" سأل شريف فجأةً.

"نعم."أجاب المدير مُندهشًا، إن نظام التعّرف على بصمات الأصابع قدمه البنك خصيصًا لأغنى العائلات، فلا يوجد سوى بصمات لأشخاص قلائل مُدرجة في هذا النظام و حتى الآن في فرع القاهرة لم يستخدمه أحد قط.

"هل تريد استخدامه؟" خاطبه المدير بلا تكليف.

"نعم" أومأ شريف برأسه.

كان المدير متشككًا قليلًا، حيث أن هيئة شريف لا تبدو كرجلٍ ثري على الإطلاق، هل حقًا يمكنه استخدام "تقنية التعرف على البصمات"؟

الحق يُقال، إن المدير لم يصدقه بنسبة تسع وتسعين بالمئة، لكنه حينما فكر في الأمر لبضع ثوانِ قرر أخيرًا السماح لشريف بتجربته، فماذا سيفعل إذا صادف صحة هذا الأمر؟

سرعان ما أخرج المدير "جهاز التعرف على البصمات" غير المستخدم من الخزنة.

"فقط ضع اصبعك هنا"، أشار المدير إلى شريف.

وضع شريف إبهامه على منطقة التحقق.

"صفير!"

أضاء الجهاز بضوءٍ أحمر، حيث ظهرت على شاشة الجهاز عبارة "البصمة ليست مُدرجة بالنظام"!

وفجأة ازداد قلق المدير، وبدت عيناه ساخطة، حيث أوقف تصفح هاتفه استعدادًا للاتصال بالرقم 110 لإبلاغ الشرطة.

"إياك والانفعال!"

قال شريف بسرعة: "ربما أخطأت التذكُر، سأحاول مرةً أخرى بإصبعي السبابة."

سخر المدير وتسائل أهذه حيلة جيدة؟ إن لم يعمل الإبهام، ستستبدله بالسبابة، وإن لم يعمل السبابة، ألن تستبدله بالإصبع الأوسط حتى تستخدم أصابعك العشر كلها وصولًا لأصابع قدمك، أليس كذلك؟

قرر المدير أنه إذا لم ينجح الأمر هذه المرة، فسوف يُبلغ الشرطة مُباشرًا لإعتقال شريف..

وبينما كان مُنشغلًا بأفكاره، ضغط شريف بالفعل بإصبعه السبابة على منطقة التحقق.

"صفير!" أضاء الجهاز باللون الأخضر، فظهرت على الجهاز عِبارة: "تم التحقق بنجاح، رقم حساب العائلة هو 01، رقم حساب المتحقق شريف حسني هو 01104"

تفاجأ المدير بما حدث ناظرًا إلى شريف باندهاش، فوقف بسرعة وابتسم قائلًا : "أعتذر منك يا سيد حسني، فقد كنتُ مُقصرًا للتو، أنا طلعت السكري مدير حسابات فرع القاهرة، من فضلك اعتنِ بي أكثر في المستقبل".

قال شريف بهدوء وهو يقف: "لا بأس، هلّا أخبرتني كم المبلغ المُتبقي في حسابي الآن؟"

بعدما قال "انتظر لحظة"، جلس طلعت أمام الكمبيوتر وشغلّه، فضغط شريف على بعض بصمات الأصابع اتباعًا لإرشادات طلعت.

"تم الأمر يا سيد شريف"؛ نقر طلعت على زر "موافق" على الشاشة، فظهرت بيانات حساب شريف حسني.

أشار طلعت إلى الرقم الموجود أسفل رصيد الحساب على شاشة الكمبيوتر قائلًأ: "يا سيد حسني، حسابك الشخصي يضم حاليًا مليار وأربع مئة..."

"هذا خطأ!" أدرك طلعت فجأة أن الرقم كان خاطئًا: "بل إنه أربعة عشر مليار وثماني وستين مليون دولار."

بعد قراءته، لم يستطع طلعت السكري إلا أن يأخذ نفسًا عميقًا.

إن شريف الشاب البالغ من العمر عشرين عامًا، لديه حاليًا مثل هذه الأموال الضخمة! فتسع وتسعين بالمئة من الناس في العالم لن يحصلوا ابدًا على هذه الأموال طيلة حياتهم.

نظر شريف إلى الأرقام التي تظهر على الشاشة مُتعجبًا، حيث أخبر نفسه أنه بحاجة إلى التكيف سريعًا مع وضعه كأحد أثرياء الجيل الثاني.

"بالمناسبة، لديك أموال أخرى، دعني أعرضها عليك الآن." استخدم طلعت الفأرة للعمل على عدة صفحات متتالية، وأخيراً نقر على الزر "موافق".

ظهرت شاشة مراقبة على شاشة الكمبيوتر.

"هذه هي صور كاميرات المراقبة لأصولك المادية المحفوظة بإحدى فروع بنكنا الأخرى." أوضح طلعت لشريف، ونقر على إحدى الصور، فظهرت سيارة رياضية وعُرض بأعلي الزاوية اليسرى (الخامس والعشرون من فبراير عام 2019 الساعة الحادية عشر بهولندا فرع لاهاي) بينما كُتب أسفل الزواية اليُمني (فيراري باجاني هوايرا).

نقر طلعت على صور أخرى لشريف.

"فرع هاواي بالولايات المتحدة الأمريكية، 95 سوارًا من الكهرمان الدومينيكي ومئة سبيكة ذهب عيار ألفي جرام"

"فرع نيس بفرنسا، ثلاث لوحات أصلية لبيكاسو، دفتر واحد لأفلاطون، ومنحوتتين لرودين"

"فرع كيب تاون بجنوب أفريقيا، خمسة عشر ماسة عيار عشرة قراريط، عشر منتجات عاجية، وعشرون قطعة ذهب عيار خمسة الآف جرام"

عندما نظر إلى أصول شريف في كل مكان، كادت عيناي طلعت أن تقفزا من محجريهما، حيث لم يسبق له أن رأى شخصًا ثريًا مثل شريف، ولا حتى شخصًا يمتلك ثُلث أصوله.

"حسنًا، تقدم بطلب للحصول على بطاقة لي" قال شريف ذلك، بينما طلعت مُنغمسًا في أفكاره.

"حسنًا، سأفعل ذلك من أجلك الآن، من فضلك انتظر قليلًا" وافق طلعت على الفور، ثم ذهب شخصيًا لتقديم طلب للحصول على بطاقة شريف و في غضون 10 دقائق فقط، تم إعداد البطاقة العيا.

نظر طلعت إلى هذه البطاقة العليا مُتذكرًا أموال شريف، فشعر أن هذه البطاقة لا تناسب هويته.

للأسف، البطاقة العليا هي الأكثر تقدمًا والتي يستطيع فرع القاهرة التعامل معها.

لذا سلم طلعت البطاقة العليا إلى شريف بكلتا يديه قائلًا : "تفضل يا سيد حسني، بطاقتك".

"حسنًا، شكرًا لك"، أخذ شريف البطاقة وشكره، ثم وقف وخرج من الغرفة.

"انتظر يا سيد حسني..." كيف يجرؤ طلعت على إهمال عميل كبير مثل شريف حسني؟ فلابُد له أن يصطحبه شخصيًا إلى الخارج ولكن لم يتم إغلاق نظام عرض الأصول الموجود على جهاز الكمبيوتر الخاص به، ولم يتم وضع جهاز التحقق من البصمات ومعدات التعرف على قزحية العين وما إلى ذلك في الخزنة؛ إن نظام المراقبة في غرفة كبار الشخصيات مُوصّل بمكتب المدير الإقليمي، فإنه لا يجرؤ على انتهاك القواعد.

داخل القاعة،

كانت ياسمين منتظرًا على أحر من الجمر، فلماذا هذا الهدوء بالداخل؟ أيُعقل أن ذاك الفتى قد قتل طلعت السكري في غرفة كبار الشخصيات، أليس كذلك؟

كلما فكرت ياسمين في الأمر، أصبحت أكثر قلقًا و في هذه اللحظة، خرج شريف بهدوء من غرفة كبار الشخصيات.

"توقف!" صرخت ياسمين على الفور راكضةً بكعبها العالي نحو شريف، ثم أمسكت بملابسه قائلةً : "لا يمكنك الرحيل، فقد اقتحمت غرفة كبار الشخصيات دون إذن، يجب أن نتأكد من عدم وجود أي خسائر أولًا، ثم سأرسلك إلى مركز الشرطة."

"ما الذي تتحدثين به! دعيني أذهب!" حاول شريف الإفلات منها، لكن ياسمين أمسكته بإحكام ولم يتمكن من الفرار.

لماذا هذه المرأة متكبرة هكذا؟ فلا بأس من نظرتها إليّ بإزدراء ولكن الآن تتجرأ على التطاول عليّ!

"ما هذا؟" نظرت ياسمين نظرةً ثاقبة فلاحظت البطاقة العليا الظاهرة في جيب شريف، وسرعان ما أخرجتها وأمعنت النظر في شريف، كما لو أنها حصلت على دليل فصاحت: "يا أنت لقد سرقت البطاقة بالفعل وتعد هذه جريمة مالية، يجب أن تُرسل لمركز الشرطة".

بالطبع لم تعتقد ياسمين أن هذه البطاقة تخص شريف، حيث اعتقدت تلقائيًا أن شريف دخل غرفة كبار الشخصيات مُلفّقًا عُذرًا مُتظاهرًا بالغباء، ثم سرق البطاقة العليا بينما غفل عنه المدير !

"اترُكني!" كان شريف منزعجًا جدًا من هذه المرأة.

"أتشعُر بالذنب لكونك لصًا؟" أصبحت ياسمين أكثر إصرارًا على فكرتها الداخلية.

كان الاثنان في حالة من العصبية لدرجة أن الضيوف الآخرين في القاعة إندفعوا مُحيطين بهما، حتى أن بعض الضيوف تقدموا لمساعدة ياسمين في القبض على اللص.

وفي هذه اللحظة خرج طلعت مُسرعًا من غرفة كبار الشخصيات بعدما أنهي الأعمال بالداخل.

فقد رأى أموال شريف بعينيه، حيث يُعد أكبر مودع في فرع القاهرة، فضلًا عن استخدامه جهاز التعرف على بصمات للتحقق، قال أن حسابه مجرد حساب واحد لعائلته، فإذا كان حساب واحد بهذا الثراء فما مقدار ثراء العائلة؟

فما مدى صعوبة مقابلة مثل هذا الشخص المُوقّر؟ وها قد التقيا أخيرًا ولكن هل بإمكانه التقرُب إليه؟ حتى وإن أصبح وجهه مألوفًا لديه ، فهذا في رأي طلعت شرف كبير وله فوائد لا حصر لها!

ومع ذلك، عندما دخل القاعة، رأي ياسمين تتشاجر بحدة مع شريف! وبدأ صبر شريف ينفذ!

تفاجيء شريف، فإن ياسمين بغاية الحماقة! إنها لا تلعب بالنار الآن فحسب، بل أيضًا قد تورطه بالأمر!

هل يُمكن التطاول على شخصٍ مثله يمتلك أربعة عشر مليار دولار؟ فبإشارة إصبع منه فقط، يمكنك أن تموت دون معرفة كيفما مِت.

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP