"عزيزي، إلى أين سنذهب لتناول الطعام؟" كلما نظرت رانيا إلى خالد، زاد إعجابها به."ستعرفين قريبًا" قال خالد بابتسامةٍ خفيفة، وكانت إحدى يديه على المقود، والأخرى يمسك بها رانيا.وبما أنه كان خبيرًا في العلاقات، فكان يعلم جيدًا أنه أسدى خدمةً كبيرة لرانيا في الجامعة، لذا فلن تمانع تقربه منها.نظرت رانيا إلى يد خالد، ولم تعلق عليها.أوقف خالد السيارة أخيرًا أمام فندق."رائع! إنه فندق سوفيتل جالاكسي! يا عزيزي، هل سنتناول الطعام هنا؟" اتسعت عينا رانيا في دهشة حين رأت المبنى الفاخر أمامها.فمن المعروف أن فندق سوفيتل جالاكسي هو أحد أرقى الفندق في القاهرة."هل تحمستِ؟ دعينا ندخل، لقد حجزت لنا طاولة بالفعل" قال خالد مبتسمًا، وكان قد دفع مبلغًا كبيرًا لحجز طاولة في سوفيتل جالاكسي، والطعام هناك لا تقل قيمته عن الألفي دولار، وهو مبلغ باهظ جدًا بالنسبة لطالب جامعي.لكن حين رآى خالد الفرحة في عيني رانيا، شعر أن الأمر كان يستحق العناء.أمسكت رانيا بذراع خالد، ودخلت معه من بوابة الفندق.اقترب نادل شاب منهما على الفور، وقال:" أهلًا، مرحبًا بكما في فندق سوفيتل جالاكسي......عذرًا، لكن هل سبق لكما
أما شريف، فعندما رآى رانيا تحيي خالد سابقًا، فتملكه بعض الضيق، لكن غلبه الأسف على رانيا التي لا تعرف كيف تحافظ على نفسها.فهو على علمٍ تام بطبيعة خالد، ولم يتصور أن رانيا اختارت أن تكون معه بإرادتها، يا لغبائها!أكل هذا لأنه يقود سيارة باسات؟ هل يُعد هذا إنجازًا؟ فهو بإمكانه أن يقود فيراري بكل سهولة."أيعقل أنك ما زلت تفكر بها!" سمع شريف صوت امرأة من جانبه.استفاق شريف من شروده، ووجد أن غادة كانت تقف بجواره بدون أن يلحظ مجيئها."لا، كل ما بالأمر أنني أظنها لا تستحق ذلك" أجاب شريف بابتسامةٍ باهتة."بل هذا ما تستحقه، فقد تخلت عن رجلٍ رائع مثلك من أجل وضيعٍ كخالد" قالت غادة باستياء، لكنها ثم نظرت لشريف بابتسامةٍ وقالت: "لنذهب لتناول العشاء الليلة معًا على حسابي، سنذهب لفندق الجوهرة القريب من الجامعة، ولتتناول جميع ما ترغب في تناوله""حقًا......" عندما قالت غادة ذلك، تذكر شريف أنه كان قد وعدها سابقًا بأنه سيدعوها لتناول العشاء، لكنه لم يجد الوقت لذلك في الأيام الماضية."دعيني أدعوكِ أنا هذه المرة، هيا بنا لنتناول الطعام في فندق سوفيتل جالاكسي""يا شريف، حين قلت ذلك في المرة السابق
لم يرد شريف أن يفتعل شجارًا معهما، فإن لم يقدر على مجاراتهم، أليس من الأفضل أن يغادر؟وحين همّ بالخروج من الباب، وكزت رانيا خالدًا برفق، وأشارت له بطرف عينها ففهم الأمر فورًا، ووقف أمام الباب معترضًا طريق شريف بساقه."أتظن أنك ستغادر بتلك السهولة؟ لا يا هذا، بل عليك أولًا أن تنادينا ب(أخي) و(زوجة أخي) كي نسمح لك بالمغادرة"نظرت رانيا إلى شريف بسخريةٍ وقالت: "أعتقد أنك تسللت إلى هنا، أليس كذلك؟ فكيف لفقيرٍ معدمٍ مثلك أن يجرؤ على دخول فندق السوفيتل؟ إذا لم تفعل ما أقوله، سأستدعي حراس الفندق"أرادت رانيا أن تذيق شريف مرارة مناداتها بـ(زوجة أخي).وكان شعورها بالمتعة يزداد كلما ازداد إذلالها لشريف.شعر شريف بالغضب الشديد، فقد تساهل معهما بما يكفي لكنها يستمران في التمادي.في تلك الأثناء، خرجت غادة من الداخل، وكانت قد سمعت حديث رانيا.نظرت غادة إلى رانيا بغضبٍ وقالت: "رانيا! لقد تجاوزت كل الحدود! ما الذي فعلناه لك كي تستدعي لنا الأمن؟"" إذًا أنت أيضًا هنا! يا لكما من ثنائي قذر!"ابتسمت رانيا باستهزاء، وسرعان ما لمعت عيناها بمكرٍ قائلةً: "لما قد أستدعي لكما الأمن؟ لأن من الواضح أنك
ابتسمت المديرة معتذرة ثم التفتت إلى شريف : "أيها السادة، جميع مرافق فندقنا مخصصة للزبائن، وليست مفتوحة للغرباء، لذا، يرجى مغادرتكم، عُذرًا.""دعنا نذهب يا شريف" قالت غادة بخجل، وهي تشعر بالخجل والإحراج أمام جميع هؤلاء الناس.لكن في تلك اللحظة، أمسك شريف بيدها، ونظر إليها بنظرةٍ هادئة: "لن نذهب" ."لقد تم طردكم، ولا تزالون هنا، حقًا إنها قلة حياء!" قالت رانيا بحماسة: "هل تريدون استخدام الإنترنت هنا؟ هل تودون التواجد أمامنا نحن الزبائن الذين أنفقوا أمولًا كثيرة لإزعاجنا عمدًا، فلا تتركونا نتناول الطعام بشكلٍ هادئ، بل أيضًا تودون تشويه سمعة فندق سوفيتيل؟"رأت المديرة أيضًا أن شريف يتعمد إحداث الفوضى، فعقدتت حاجبيها، وقالت: "سيدي، يرجى مغادرتكم الآن، وإلا سأضطر لاستدعاء الأمن!".رانيا سعيدة للغاية في قرارة نفسها، حيث كانت تأمل حقًا رؤية شريف يُطرد بواسطة رجال الأمن. كانت."إنهم ضيوف، لكن ألسنا ضيوفًا أيضًا؟" نظر شريف إلى المديرة وقال: "لقد حجزت طاولة هنا بالفعل". "هل حجزتم طاولة هنا؟" أظهرت رانيا تعبيرًا مندهشًا، ثم بدأت تضحك، ففي نظرها كان قول شريف مجرد مزحة. إذا كان بإمك
اندهشت رانيا قائلة: "ما هذا الوضع يا مديرة، لا بد أنك أخطأتِ، رسالته بالتأكيد مزورة". أخرج خالد هاتفه وأظهر للمديرة رسالة حجز الطاولة: "لقد حجزنا الطاولة رقم ثمانية!" نظرت المديرة مرةً أخرى إلى الرسالة التي أظهرها خالد، وابتسمت بأدب قائلةً: " في الحقيقة كلاكما حجز الطاولة رقم ثمانية، هذا صحيح، ولكنك حجزت طاولة عادية، بينما أستاذ شريف حجز طاولة فاخرة". ماذا؟ "هو حجز طاولة فاخرة؟" نظرت رانيا بدهشة إلى المديرة "إنه مجرد شخص فقير، حتى إنه لا يستطيع دفع ثمن وجبة في الكافتيريا كيف يمكن لشخصٍ مثله أن يحجز طاولة فاخرة؟" لم تصدق رانيا ذلك على الإطلاق. حاولت المديرة تصحيح سوء التفاهم، فبادرت على الفور بمرافقة شريف وغادة إلى الطاولة الفاخرة رقم ثمانية! عندما وصلوا إلى الطاولة الفاخرة رقم ثمانية، عبست المديرة لأن الطاولة لا تزال عليها أطباق تم تناولها، وقد حجز الزبون الطاولة بالفعل ، هذا الموقف جعل المطعم يبدو غير احترافي بالمرة! قالت المديرة لشريف: "انتظروا قليلًا من فضلكم"، ثم تغيرت ملامح وجهها إلى الغضب واستدعت مشرف النادلين القريب منها: "ما الذي يحدث هنا؟" الزبائن قد وصلوا ب
كل هذا! صُدم خالد من الموقف و شعر بالتوتر واحمرّ وجهه خجلًا، فلم يكن في ذهنه سوى: "لا أستطيع تحمّل تكلف هذه الوجبة على الإطلاق"، ولم يعرف ماذا يفعل!قال خالد بصوتٍ منخفض "يا رانيا، دعينا نجلس في مكانٍ عادي".لكن رانيا لم ترغب بأن تُحرج أمام شريف، فقالت: "عزيزي، أنا أحب هذا المكان، دعنا نبقى هنا ونتناول الطعام".غضب خالد قائلًا: "إذا كنتِ لا تريدين المغادرة، حسنًا سأغادر أنا إذن!" لم يكن لديه ما يكفي من المال، وإذا استمر في البقاء هناك، فسيكون ذلك محرجًا للغاية في النهاية.بعد أن قال ذلك، غادر خالد بمفرده دون الالتفات إلي رانيا.الآن أصبحت رانيا وحدها، ولم يكن لديها المال أيضًا! بدأ الآخرون في المكان ينظرون إليها، فشعرت رانيا بالخجل الشديد، حيث لم تستطع البقاء هناك ولو لثانية واحدة، فكل ما شعرت به هو عدم الراحة! نظرت بغضب إلى شريف، ثم أخذت حقيبتها وغادرت مُسرعة.سرعان ما طلبت المديرة من النادل ترتيب الطاولة و دعت شريف وغادة للجلوس بأدب، تم تقديم مجموعة متنوعة من الأطباق الشهية واحدة تلو الأخرى على الطاولة، وعادت فرقة الموسيقيين الأجانب مرة أخرى لتقديم عرضها، كما كان هناك خادم
في الأصل، كان خالد يخطط اليوم لأخذ رانيا إلى فندق سوفيتل لتناول العشاء، ثم بعد ذلك استئجار غرفة لقضاء وقت ممتع معًا لكنه لم يتوقع أن يتعرض لمثل هذا الإحراج الكبير في سوفيتل، وبعد أن حدث ذلك، لم يعد في مزاج للاستمتاع، فأوصل رانيا إلى باب سكن الطالبات، ثم غادر بمفرده.أما شريف، فعاد إلى غرفته في السكن الجامعي، واستلقى على السرير مستعيدًا ذكرياته عن العشاء الذي تناوله مع غادة في فندق سوفيتل خلال العشاء، لاحظ أكثر من مرة نظرات رانيا الموجهة نحوه، حيث كانت تلك النظرات معقدة للغاية وتحمل العديد من المشاعرالمختلفة!ارتسمت على شفتي شريف ابتسامة خفيفة.وهذا الأمر فاجئه بعض الشيء، ففي يومٍ ما كان يعتبر رانيا كل شيء بالنسبة إليه، حيث كان مستعدًا للتضحية بكل شيء من أجلها أما الآن، فقد شعر بشيءٍ من السعادة لرؤيتها في موقف محرج!فكّر شريف بينه وبين نفسه أن مثل هذه المرأة يجب أن تُنسى تمامًا، اليوم كان مجرد البداية إذا تجرأت رانيا على مضايقته مرة أخرى في المستقبل، فلتفعل ما تشاء، وأنه سأكون مستعدًا لها!في هذا الوقت، كانت رانيا بالفعل عادت إلى سكنها، لكنها ظلت تفكر في ذهنها، هل من الممكن أن يكون
في ظهر اليوم الثاني، لم يكن لدى شريف أي محاضرات، وكما كان يفعل من قبل، ذهب إلى المكتبة لقراءة الكتب. وأثناء صعود شريف درجات المكتبة سمع صوتًا خلفه يناديه " شريف ".كان هذا الصوت مألوفًا جدًا لشريف، التفت ليرى رانيا واقفة عند أسفل الدرج. كانت رانيا ترتدي فستانًا أبيض بسيطًا، وهو نفس الفستان الذي اشتراه لها العام الماضي.في تلك اللحظة، شعر شريف بشيءٍ من الذهول. رأت رانيا تعبيره هذا وابتسمت في داخلها بسخرية كان هذا بالضبط ما توقعته.اقتربت رانيا من شيف بابتسامة مشرقة وقالت: "هل أبدو جميلة بهذا الفستان؟"رد شريف ببرود: "ماذا تريدين؟" حيث قد فقد تركيزه للحظات فقط، لكنه سرعان ما استعاد هدوءه. شعرت رانيا بعدم الرضا تجاه نبرة شريف، فعضّت شفتيها وقالت : "ما بك؟" على الأقل، كانت لدينا ذكريات جميلة معًا، كيف يمكنك أن تكون قاسيًا وباردًا معي بهذا الشكل؟نظرت رانيا إلى عيني شريف بحزن، ومدت يدها لتسحب طرف ملابسه. كان هذا سلاحها السري في الماضي، كلما تصرفت بهذه الطريقة، كان شريف دائمًا يستسلم لها. لكن هذه المرة، أبعد شريف يدها عنه، ونظر إليها ببرود قائلاً، " إذا لم يكن لديكِ شيء