اتّضح أن طارق قد وافق بالفعل.شعرت هند فجأةً بسخريةٍ كبيرة.بسبب خلود، يتدخل طارق مرة تلو الأخرى في شؤون "م.ك".كان يعطّل ترتيباتها وخططها مرارًا، ليتركها تتولى أمر الفوضى.كانت خطط التسويق السابقة جاهزًة للتنفيذ منذ فترة، لكنها أصبحت بلا قيمة بسبب تغيير العارضة. لم يرَ طارق الجهود الهائلة التي بذلتها للحفاظ على الوضع الحالي.كل ما كان عليه فعله هو إرضاء خلود. أما عما إذا كانت الأمور ستصبح أكثر تعقيدًا ام لا ،فهذا شأن هند وحدها. كيف يمكن له أن يهتم بذلك؟قالت نورا مستغربًة : "السيد طارق وافق؟ كيف يمكن للسيد طارق أن يهتم بمثل هذه الأمور الصغيرة؟"ابتسمت خلود قائلةً "آنسة نورا، أنتِ أيضًا تعلمين أن هذه مسألة صغيرة، ولهذا السبب قال طارق إنه يمكنني اتخاذ القرار بنفسي."ردّت نورا: "آنسة خلود، الجميع يعلم أن ما أصفه بالمشكلة الصغيرة هو بالنسبة للسيد طارق صغيرًا لكن المكياج والتصميم لهما أهمية كبيرة في التصوير. أتمنى أن تفهمي أنني فقط أستغرب لماذا يهتم السيد طارق بمثل هذا الأمر؟"قالت ليان بابتسامة: "أتعنين أن خلود تكذب؟ المديرة هند، إذا كنتم لا تصدقون، يمكنكم الاتصال بالسيد طارق للتأكد. هذه ا
نظرت هند بهدوء إلى الهاتف المُلقى على الأرض، وظلت واقفة لبضع لحظات قبل أن تنحني ببطء لالتقاطه.هند، كفاكِ إذلالًا لنفسكِ.من البداية، كان قلب طارق منحازًا تمامًا، ولم يكن يومًا إلا بجانب خلود.ما حدث بالأمس، لو كان طارق يريد معرفة الحقيقة، لكان بإمكانه إرسال أحد للتحقق منها، لكنه اختار ببساطة تصديق ما قالته خلود.أهذه هي القوة السحرية لأول حب؟"مديرة هند، الآنسة نورا والآنسة سميرة ما زالتا في غرفة الاستراحة تنتظرانكِ ." رأي المساعد هند واقفة في مكانها شاردة، فتقدم بحذر لتذكيرها ."حسنًا، فهمت." سرعان ما استعادت هند رباطة جأشها وتوجهت بخطوات كبيرة نحو غرفة الاستراحة."ما الأخبار؟ ماذا قال طارق؟" بمجرد دخول هند، سارعت نورا بالسؤال.كان وجه سميرة مليئًا بالترقب.هزّت هند رأسها.تنهدت سميرة بعمق.قالت نورا بدهشة: "لم أتوقع أبدًا. كنت أظن أن طارق مثل الإمبراطور العظيم، لكنه تبين أنه أشبه بالملك الجائر !""إذن، ما الذي سنفعله الآن؟""سأذهب للتفاوض معهم لمعرفة ما إذا كان بالإمكان إجراء تعديلات طفيفة، وربما استعارة بعض الأدوات. سميرة ، سأعتمد عليكِ في مراقبة العمل خلال مرحلة المونتاج. لدي فك
ألقى السائق نظرة خاطفة على طارق عبر مرآة السيارة الخلفية، ثم اتبع نظره إلى الخارج عبر النافذة. اتسعت عينيه عندما رأى السيدة هناك.من يكون الرجل الذي بجانب السيدة؟ كان يرتدي قبعة و كمامه، وقد غطى نفسه بشكل محكم، وكان موجودًا في استوديو التصوير، هل يكون نجمًا مشهورًا؟بدا أن الرجل على علاقة جيدة جدًا مع السيدة.همس السائق ، "سيدي، خرجت السيدة خلود."طارق رد بصوت معتدل، "حسنًا."السائق لم يكن متأكدًا مما يعنيه ذلك."قُد السيارة إلى باب الاستوديو." قال طارق.وهو يقود السيارة إلى باب الاستوديو، تساءل السائق في نفسه: ألا يعني ذلك أن السيدة ستراه؟ولكنه امتثل لتعليمات طارق، وقاد السيارة إلى باب الاستوديو.بينما كان يتحدث، رفع زهير ذقنه، وقال: "أليس هذا طارق؟"هند نظرت إلى حيث أشار، ورأت أن هناك سيارة سوداء واقفه أمام الاستوديو. كان رقم اللوحة هو نفسه رقم لوحة السيارة التي اعتاد طارق ركوبها. كانت خلود واقفة أمام السيارة.طارق نزل من السيارة وتحدث مع خلود، مما جعلها تبتسم بسعادة.ثم دار طارق إلى الجهة الأخرى من السيارة، وفتح لها الباب بلطف، ووضع يده فوق السقف كي لا تصطدم، وعندما جلست خلود في الد
رفع طارق بصره، فرأى هند تقف عند الباب.كانت تقف عكس الضوء، مما جعل ملامح وجهها غير واضحة، لكن كان لديه شعور قوي بأنها تنظر إليه.قالت هند بابتسامة خفيفة، بينما تمرر بصرها سريعًا على الحاضرين: "تصادفتُ مع باسم في الممر، فجئت لألقي التحية عليكم."سألها طارق بنبرة هادئة: "هل جئتِ لتناول الطعام مع أصدقائكِ هنا؟""نعم." أجابت باختصار.ابتسم جمال وقال: "هند، بماذا انتِ مشغولة مؤخرًا؟""بعرض العلامة التجارية م.ك؟."تفاجأ جمال للحظة، وأدرك أنه ألقى قنبلة دون قصد.لكن يبدو أن الآخرين ليسوا على علم بذلك، فأشار أحدهم نحو خلود وقال مبتسمًا: "أليست الممثلة هنا بالفعل؟"ابتسمت هند بخفة، ثم تقدمت إلى الطاولة وأخذت كأسًا فارغًا، وملأته بالشاي.قالت بهدوء: "اليوم لقاؤنا صدفة، أرفع كأس الشاي هذا بدلاً من النبيذ لتحيتكم جميعًا .أعتذر على الإزعاج، وسأعوضكم بدعوة لاحقة. أحييك ايضا يا أخي " نطقت هند كلمة "أخي" بوضوح. وهي كلمة لم تعتد تستخدمها منذ زواجها من طارق، حيث كانت تدعوه ب " طارق" .شربت هند الشاي دفعة واحدة. ثم أضافت: "أعتذر." "لدي أمور أخرى الآن، لذا لن أطيل ازعاجي ."لكن باسم تدخل بلهجة مازحة: "ه
كأن طارق يمسك بيده سكينًا ليطعن قلبها مباشرةً."هند، أليس مجرد رفع كأس لتحيي زوجة أخيكِ؟""ما المشكلة في ذلك؟""حقًا، الآنسة خلود متفهمة جدًا تحية الكأس لزوجة الأخ لا تحتاج لكل هذا العناء."كانت ملامح هند مشدودة، وشفتيها مطبقتين. تقدمت بخطى ثقيلة، وأمسكت بالكأس من الطاولة، رفعتها أمام خلود، ثم شربتها دفعة واحدة دون أن تنطق بكلمة، ووضعت الكأس، ثم استدارت وغادرت.ضحك باسم وقال: "حتى كلمة 'زوجة أخي' لم تنطقها."ثم أضاف بسخرية: "تعتقد نفسها ابنة العائلة الكبرى حقًا؟ كيف تتجرأ على إظهار عدم الاحترام لطارق أمام الجميع!"أحدهم تدخل قايلاً :"كونها حصلت على مكان في شركة طارق يعد كافيًا. أما الآنسة خلود، فهي السيدة المستقبلية للشركة، ولا يجوز لهند أن تستهين بها. طارق، هل سترى خلود تُظلم أمامك دون أن تتدخل؟"حاول جمال التخفيف من التوتر، وقال: "كفى، لنترك هذا الحديث."لكن أحد الحاضرين، راغبًا في كسب رضا طارق وخلود، قال بصوت عالٍ: "طارق، هند جاءت لعائلتكم عندما كانت في العاشرة. هي بالكاد تُعتبر متبناة، ولا ينبغي أن تُعامل بهذه المحاباة. انظر كيف لا تعيرك ولا تعير الآنسة خلود أي اهتمام، ربما بسبب دعم
قالها طارق بصوتٍ خافتٍ.لكن هند لم تلقِ له بالًا، بل صعدت الدرج متجاهلة وجوده تمامًا.نظر إليها طارق بعينين يملأهما الغموض، تابع خطواتها وهي تتلاشى عند نهاية الدرج. جلس في الأسفل لبعض الوقت، قبل أن ينهض متجهًا نحو غرفة النوم .دفع الباب بيده بهدوء، فلم يجد أحدًا في الداخل، لكن صوت المياه المتدفقة من الحمام أفصح عن وجود هند تستحم بالداخل .شعر طارق بحرارة تجتاحه، ابتلع ريقه ،و أرخى ربطة عنقه قبل أن يلتقط رداءًا من الخزانة ويذهب إلى حمام آخر ليغتسل هو أيضًا.عندما عاد، صادف خروج هند من الحمام.كانت قد نسيت أن تأخذ ملابس النوم، وشعرها شبه مبلل، وجسدها ملفوف بمنشفةٍ تصل بالكاد إلى أسفل فخذها.بشرتها البيضاء الصافية كالحليب.عنقها الطويلة وكتفاها الرشيقتان المكشوفان . ناهيك عن المناطق المغطاة بالمنشفة، فقد أثارت في مخيلة طارق ذكريات جعلته يتوقف للحظة.تقابلت أعينهما، ثم أسرعت هند وأشاحت بنظرها بعيدًا، توجهت إلى خزانة الملابس. وهي تبحث عن ملابسها، قالت ببرود:"سأنام الليلة في غرفة الضيوف.""هند !ماذا تعنين بذلك؟" رد طارق بصوتٍ مثقلٍ بالغموض.أجابته بسخرية وهي تشتم في أنفاسه رائحة خفيفة
ألن تذهب إلى الغرفة الأخرى؟هيا أسرع.قالتها هند وهي تلتقط المنشفة بسرعة، تحاول تغطية جسدها بارتباك.كانت هند مندهشة.كان وجهه الوسيم يقترب منها ببطء، وانتشر نفسه الدافيء على وجهها.لم تستطع إلا أن تغمض عينيها.حتى وإن كنت مغمض العينين، يمكنك الشعور بالضوء أمامك.لكن لم تأتِ تلك القبلة قط.فتحت هند عينيها.تراجع طارق بضع خطوات للخلف، وقال: “آسف، سأذهب للنوم في الغرفة الأخرى، استريحي"وقف خلف الباب، أغمض عينيه محاولًا أن يتناسى المشهد في ذهنه . كاد أن يقبلها.لقد جن حقًا.هو وهند علي وشك الانفصال ويمكنه أن يكون مع خلود قريبًا،كيف يمكنني أن أكون مع هند .... كان يحاول أن يبرر لنفسه ويواسيها، أي رجل طبيعي كان سوف يثيره هذا الموقف، إن هذا رد فعل طبيعي.فرك طارق جبينه.......تخدرت هند عند سماعها لصوت إغلاق الباب وتوقفت في مكانها.كانت برودة الغرفة تغزو جسدها العاري. سحبت الغطاء وغطت جسدها، وانكمشت إلى زاوية السرير، ودفنت رأسها فيه. لكنها لم تستطع كبح الدموع التي انسابت بلا توقف، حتى تبلل الغطاء.كان شكلها وهو يغادر ببرود كالصفعة على وجهها.أظهر لها القليل من الحنان، وكانت غارقة فيه.أر
أغمضت هند عينيها بسرعة، متظاهرة بالنوم. أنا لا أراه ... لا أراه .... لا أراه... كانت تردد ذلك في قلبها مرارًا؛ولكن جسدها المرتعش فضح تماما مشاعرها . خطوات الرجل تقترب أكثر فأكثر. كان يتقدم نحو سريرها .هند شعرت بقلبها يكاد يقفز من صدرها. وفجأة، شعرت ببرودة تسري في جسدها... لقد تم رفع الغطاء عنها. تجمدت هند في مكانها، وأغمضت عينيها بإحكام، وشدت ساقيها بقوة وهي تردد في داخلها : أنا نائمة ... أنا نائمة. طالما لا أراه، فلن يقتلني .... لكن صوتا منخفضًا ساخراً اقترب من أذنها وهمس: "أعلم أنكِ مستيقظة افتحي عينيكِ وانظري إلي.... وإلا... سأفعل بكِ ما تكرهينه ثم أقتلكِ." ارتجف عقل هند كليا فتحت عينيها ببطء، وصوتها يرتعش "سأفتح عيني... فقط أرجوك... لا تقتلني .... لا تقتلني.....ولكن قبل أن تكمل كلامها، توقفت فجأة..... لترى وجه الرجل الذي أمامها .إن لم يكن طارق فمن سيكون ؟همست هند بصدمة. ملامح وجهها تجمدت مزيج من الخوف الحيرة والإحراج اجتاحها في تلك اللحظة. أدركت أنها نسيت تماما أن طارق لا يزال في المنزل، وأن أمن الفيلا محكم جدًا بحيث لا يمكن لأي غريب الدخول. نظرت بعيدًا وهي تحاول التماس