الصهر العظيم
الصهر العظيم
Por: محمد داوود القحطاني
الفصل 1
"ياسر، قم بتفريغ ماء غسل الأقدام."

جلست امرأتان على الأريكة، وقد انتهيتا لتوّهما من نقع أقدامهما. كانت ملامحهما تعكس الكسل والدلال، بجمالٍ لا يُقارن.

هاتان المرأتان هما زوجة ياسر الصالح وصديقتها المقربة.

عند سماع أمر زوجته، انحنى ياسر الصالح ليصب ماء غسل الأقدام دون أن يجرؤ على الاعتراض. فما الذي يمكنه فعله وهو صهر بلا قيمة أو مكانة؟

مرّت سنتان على زواجه، ولم يكن له أي سلطة تُذكر داخل المنزل.

كانت زوجته ووالدتها كثيرًا ما تصرخان في وجهه لأتفه الأسباب، وإذا حاول الرد، لم تترددا في طرده من المنزل.

في هذا البيت، مكانة ياسر الصالح كانت أدنى من مكانة كلب.

مرّ عامان على زواجه من سلمى السعدي، ولم يلمس يدها حتى! بل كان ينام كل ليلة على الأرض لأن سلمى السعدي لم تكن تطيقه، وكانت تزدريه من أعماق قلبها، معتبرةً إياه غير جدير بأن يُسمى رجلًا.

تنظيف الملابس، إعداد الطعام، وترتيب المنزل كانت مهامه اليومية، إضافةً إلى تحضير ثلاث وجبات منتظمة.

قبل بضعة أيام، أخطأ بوضع كمية زائدة من الملح أثناء الطهي، فتعرض للتوبيخ كأنه طفل صغير لمدة نصف ساعة كاملة.

وفي إحدى الليالي، استيقظت سلمى السعدي بسبب سعال ياسر الصالح. ولم تتردد حينها في ركله بقوة ليقع أرضًا، وهي تصرخ في وجهه أن يخرج من الغرفة.

تلك الليلة كانت ذكرى زواجهما الأولى. لم يكن هناك عشاء على ضوء الشموع، ولا لحظات رومانسية!

كانت تلك الركلة كافية لتحطم قلبه تمامًا.

مرّ عامان كاملان، وقد اعتاد ياسر الصالح على هذا النوع من الحياة.

ما الذي يمكنه فعله وهو صهر يعيش على الهامش؟

لكن الألم الأكبر كان أنه، رغم كل شيء، وقع في حب سلمى السعدي خلال هذين العامين. على الرغم من أنها لم تعامله سوى باحتقار ولم تنفك عن وصفه بالفاشل!

"هل أعاني من متلازمة ستوكهولم؟" تمتم ياسر الصالح بسخرية وهو يبتسم ابتسامة مليئة بالمرارة.

كونه الابن الأكبر لعائلة الصالح، أشهر وأقوى عائلة في جازان، ومع ذلك وصل به الحال إلى التذلل أمام امرأة للحصول على القليل من الكرامة، كان حقًا أمرًا مثيرًا للسخرية.

قبل عامين، أنفق ياسر الصالح 3 مليون دولار لشراء 15% من أسهم مجموعة جازان للطاقة.

حينها، ثارت عائلته المكونة من مئات الأفراد عليه، متهمين إياه بإهدار أموال العائلة، حيث قال البعض إنه خسر أموال الاستثمار عمدًا لإخفاء الحسابات، بينما اتهمه آخرون بتحويل الأموال لتحقيق مكاسب شخصية.

وبناءً على قرار جماعي من العائلة، تم طرده من العائلة، ليس هذا فحسب، بل حتى والديه تم طردهما أيضًا وشُطب أسمائهما من شجرة العائلة!

خلال هذين العامين، اختبر ياسر الصالح قسوة الحياة وتبدل الأحوال. أصدقاؤه الذين كانوا يدّعون الإخاء والمحبة بدأوا بالابتعاد عنه واحدًا تلو الآخر.

بعد طرده من العائلة وعدم امتلاكه حتى فلسًا واحدًا، اضطر ياسر الصالح للبقاء على قيد الحياة بقبول حياة الصهر المنبوذ!

حتى زوجته سلمى السعدي لم تكن تعلم بهذا الأمر.

قالت ليلى مهدي، صديقة سلمى السعدي المقربة، بابتسامة ساخرة:

" سلمى، زوجك مطيع جدًا، أليس كذلك؟"

ضحكت سلمى السعدي ببرود وقالت:

"وماذا ينفعني طاعته؟ كلما رأيته أشعر بالغثيان. الناس إما يتزوجن من رجال عائلات ثرية أو من أبناء الجيل الثاني والثالث للأثرياء، أما أنا، فقد كان حظي سيئًا وارتبطت بهذا الفاشل. انظري إلى مظهره البائس، واضح تمامًا أنه مجرد فلاح بسيط. غدًا هو حفل عائلة السعدي السنوي، ولا أملك الجرأة على اصطحابه."

نظرت ليلى مهدي إلى ياسر الصالح. كان بالفعل كما وصفته سلمى السعدي؛ ملابسه الرخيصة التي تبدو وكأنها من السوق الشعبي كانت تثير الشفقة.

حاولت ليلى مهدي تغيير الموضوع، فقالت بابتسامة مترددة:

"سلمى، لا داعي لنشر الأمور العائلية. دعينا لا نتحدث عنه. سمعت أن شركتك تواجه بعض المشكلات مؤخرًا؟"

أومأت سلمى السعدي برأسها وقالت:

"خلال الشهرين الماضيين، استثمرنا في مطعمين، وخسرنا بضعة ملايين. الآن تواجه الشركة أزمة مالية، وتحتاج إلى مليون دولار. إذا لم نجد مستثمرًا خلال أسبوع، فلن يكون أمامنا خيار سوى بيع بعض أصول الشركة."

نظرت ليلى مهدي بقلق نحو سلمى السعدي وقالت:

" مليون دولار؟ هذا مبلغ كبير جدًا، من يمكنه أن يمدكِ بهذا القدر من المال؟"

لم ترد سلمى السعدي على الفور، بل التفتت نحو ياسر الصالح الذي كان يقف بجانبها يسترق السمع، وصرخت بغضب:

"ياسر! من سمح لك بالتنصت هنا؟ اذهب فورًا واغسل ملابسي!"

ثم تدخلت ليلى مهدي قائلة:

"ولا تنسَ غسل فستاني أيضًا، إنه في حقيبة القفل الخاصة بي."

أخذ ياسر الصالح الملابس على الفور وذهب إلى الغسالة ليبدأ بتنفيذ التعليمات. وبينما كان يُعد الغسالة، خطر بباله أن يغسل ملابسه أيضًا استعدادًا للقاء زملاء المدرسة الثانوية المقرر غدًا.

وما إن وضع الملابس في الغسالة، حتى سمع صوت هاتفه يرن فجأة. فتح الهاتف ليرى رسالة نصية، وعند قراءة الرقم، لاحظ أن نهايته تحتوي على تسعة أرقام 8: 050×××8888.

عرف ياسر الصالح على الفور أن هذا الرقم ينتمي إلى عائلة الصالح.

فتح الرسالة ليجد كلمات جعلته يقف مصدومًا في مكانه:

"سيدنا الكبير، نرجوك أن تنقذ عائلة الصالح. سلسلة التمويل لدينا انقطعت، ونحتاج لدعمك!"

ضحك ياسر الصالح بسخرية وهو يقرأ الرسالة:

"عائلة الصالح تبحث عني الآن؟ أهذا نوع من المزاح؟"

قبل عامين طردت العائلة ياسر الصالح ووالديه بلا رحمة، ولم يتركوا له شيئًا. والآن، وهو في حالة من الفقر المدقع، يجدون أنفسهم يلجؤون إليه طلبًا للمساعدة؟

عبس ياسر الصالح وأخذ يفكر، لكن هاتفه رن مجددًا. هذه المرة كان اتصالًا، وليس رسالة.

بلا وعي، أجاب على المكالمة. وقبل أن ينطق بكلمة، سمع صوتًا يائسًا من الطرف الآخر، صوت مدير المنزل:

"سيدنا الكبير، أرجوك، أنقذ العائلة. الأسهم التي اشتريتها في مجموعة جازان للطاقة قبل عامين قد ارتفعت قيمتها أضعافًا مضاعفة! أرجوك... إذا لم تساعد العائلة، سنواجه الإفلاس قريبًا!"

صرخ ياسر الصالح غير مصدق:

"ماذا قلت؟!"

كاد ياسر الصالح أن يرمي هاتفه من شدة الصدمة. بعد إنهاء المكالمة، اتجه إلى المخزن وبدأ في البحث بين الصناديق المتناثرة. بحث طويلًا حتى وجد أخيرًا بطاقة بنكية سوداء مدفونة في أحد الزوايا المهملة.

هذه البطاقة، التي تُعد رمزًا لمكانته كابن البكر لعائلة الصالح، كان قد تخلص منها بعد أن أصبح صهرًا لعائلة الطنطاوي، ولم يلمسها طوال العامين الماضيين.

البطاقة لم تكن عادية؛ كانت دلالة على مكانة رفيعة، حيث ترتبط بخدمة عملاء شخصية على مدار الساعة.

أخرج هاتفه على الفور واتصل بخدمة العملاء:

"مرحبًا بك، السيد ياسر. شكرًا لاتصالك بخدمة المساعد الشخصي على مدار 24 ساعة. كيف يمكنني مساعدتك؟" جاءه صوت أنثوي عذب من الطرف الآخر.

بصوت متلهف، قال ياسر الصالح:

"أريدك أن تتحققي من رصيد حسابي بسرعة!"

"حسنًا، من فضلك انتظر قليلًا." ردت الموظفة بنبرة هادئة.

لم تمر سوى بضع ثوانٍ قبل أن تعود بصوت متردد قائلة:

"السيد ياسر، رصيد حسابك كبير جدًا، وهو خارج نطاق صلاحياتي لمعرفة الرقم. يُرجى التوجه إلى أقرب فرع بنكي واستخدام نافذة كبار العملاء (VIP) للتحقق من الرصيد."

قبل أن تنهي الموظفة كلامها، أغلق ياسر الصالح المكالمة!

في تلك اللحظة، شعر برأسه يدور كأنه على وشك الانفجار، وقلبه ينبض بسرعة غير طبيعية، كما لو أنه سيقفز من صدره في أي لحظة.

رصيد كبير للغاية خارج نطاق الصلاحيات؟!

ضحك ياسر الصالح بصوت عالٍ وهو يتمتم لنفسه:

"هاهاها، عامان كاملان! لقد مرت سنتان منذ أن تم طردي بسبب هذه الصفقة الاستثمارية، والآن أصبحت هذه الصفقة مفاجأة مذهلة بالنسبة لي! ولكن ما أريد معرفته الآن هو... كم يوجد بالضبط في هذه البطاقة؟"

في هذه الأثناء، التفتت ليلى مهدي نحو سلمى السعدي وهي تضحك:

"سلمى، انظري إلى ياسر، يجري مكالمة فقط ليتحقق من رصيده المصرفي!"

هزت سلمى السعدي رأسها وضحكت بسخرية:

"أعطيه 30 دولار كمصروف يومي، وبعد سنتين يبدو أنه تمكن من ادخار مبلغ محترم!"

علّقت ليلى مهدي بابتسامة ساخرة:

"سلمى، فكري فيه وكأنك تربي كلبًا. فقط دعيه يعيش."

وانفجرت السيدتان في الضحك.

لم يكن ياسر الصالح يكترث بسخريتهما، بل هرع إلى زوجته بحماس قائلاً:

"الشركة بحاجة ماسة إلى مليون دولار، ماذا لو حاولت مساعدتك في تدبير هذا المبلغ؟"

انفجرت ليلى مهدي ضاحكة حتى كادت تبكي من شدة الضحك، ونظرت إليه بازدراء:

"ياسر، هل تعرف حتى معنى مليون دولار؟ تعطيك سلمى 30 دولار يوميًا، وإذا استطعت جمع هذا المبلغ، فسأدعوك أبي!"

ابتسم ياسر الصالح بتواضع ورد قائلاً:

"حقًا؟ إذًا تذكري ما قلته الآن!"

عند هذه النقطة، لم تستطع سلمى السعدي تمالك نفسها. هذا الرجل الذي يعيش حياة بائسة ويتباهى بكلام فارغ أمام صديقتها المقربة كان أمرًا يفوق احتمالها. أشارت إليه بعصبية قائلة:

"توقف عن إزعاجنا واذهب لترتب سرير الغرفة، ولا تبقَ هنا لتضايقنا!"

أومأ ياسر الصالح برأسه وغادر بهدوء.

تلك الليلة، لم يستطع ياسر الصالح النوم من شدة الحماس. بدا الخبر السعيد وكأنه حلم لا يريد الاستيقاظ منه.

قرر في نفسه:

"غدًا لا بد أن أذهب إلى البنك بنفسي وأتحقق من الرصيد!"

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP
capítulo anteriorcapítulo siguiente

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP