الفصل 3
"مرحبًا، أنا ياسر الصالح. إذا أردتم مساعدتي لإنقاذ العائلة، لدي شرطين عليكم تحقيقهما."

"أولًا، أريد عقدًا من سلسلة 'مدينة السماء' للمصمم الفرنسي آلان. ثانيًا، هل يوجد شخص في العائلة يدعى ماجد الدين؟ أريد رؤيته مفلسًا."

أنهى ياسر الصالح المكالمة دون أن ينتظر تأكيد الطرف الآخر أو حتى الرد عليه.

في تلك اللحظة، اهتز هاتفه. كانت رسالة نصية من سلمى السعدي:

"ياسر، الحفل السنوي لعائلة السعدي الليلة. اشتري ملابس جديدة، لا تجعلني أشعر بالإحراج."

---

منتجع جبل الذهب في مدينة صبياء، هو التجمع الحصري لأثرياء مدينة صبياء. أولئك الذين يعيشون هناك هم شخصيات بارزة، سواء بالمال أو النفوذ. حتى لو كنت ثريًا، قد لا تكون قادرًا على شراء فيلا هناك.

وكان هذا هو المكان الذي قرر فيه ياسر الصالح مقابلة زعيم عائلة الصالح.

جلس ياسر الصالح على كرسي الاسترخاء بكل أريحية، بينما جلس أمامه زعيم العائلة، عمه الثاني أحمد الصالح.

نظر أحمد إلى ياسر الصالح بنظرة متأملة، وابتسم قائلاً:

"يا ياسر، لم أرك منذ عامين، لكن يبدو أنك لم تتغير على الإطلاق."

رد ياسر الصالح بلا مبالاة:

"عمي، دعك من المجاملات. لدي أمور أخرى الليلة. أخبرني فقط كم المبلغ الذي تحتاجه العائلة."

ثم أمسك إبريق الشاي وشرب رشفة بلا مبالاة.

ظهرت لمحة من الحرج على وجه أحمد، رغم كونه زعيم العائلة واعتاد التعامل مع الأزمات الكبيرة، إلا أنه بدا مترددًا بعض الشيء هذه المرة. ربما كان من الصعب عليه أن يطلب المساعدة من هذا "الصغير" الذي طردته العائلة سابقًا.

قال أخيرًا بصوت منخفض:

"حوالي 7 مليارات دولار..."

"ماذا؟ 7 مليارات دولار؟!"

وقف ياسر الصالح بسرعة مندهشًا وقال:

"عمي، زوجتي تنتظرني لتناول العشاء. دعنا نكمل الحديث لاحقًا!"

أسرع بالخروج من الفيلا، كأنه يحاول الهروب من صدمة الرقم الذي سمعه للتو.

"يا ياسر!" صرخ أحمد الصالح بقلق، ووقف أمامه ليمنعه من المغادرة. وقال بتوسل:

"العائلة تواجه كارثة حقيقية الآن. إذا لم نحصل على هذه الأموال، فإن جهود مئات الأشخاص عبر أجيال ستنهار تمامًا! وبخصوص الشروط التي ذكرتها، أنا أوافق عليها بالكامل. ماجد الدين سيفقد كل شيء الليلة، وعقد 'مدينة السماء' في طريقه إليك الآن، وسيصل إليك خلال لحظات."

ابتسم ياسر الصالح بسخرية وقال:

"عمي، ليس الأمر أنني لا أريد المساعدة، لكن من أين لي كل هذه الأموال؟" ورفع يديه متظاهرًا بالعجز.

رد أحمد الصالح بنبرة عاطفية:

"يا ياسر، هل ستقف مكتوف اليدين وأنت ترى العائلة التي أنجبتك وربتك تنهار؟ لديك 8 مليارات دولار في حسابك البنكي! إن لم تفعل ذلك من أجلنا، فافعله على الأقل لأنك من دماء هذه العائلة"

عندما سمع ياسر الصالح هذا الكلام، اختفى التعبير المبتسم من وجهه تدريجيًا، وحلّ محله مزيج من الغضب والحزن. قال بصوت بارد:

"عمي، قبل عامين عندما اشتريت أسهم مجموعة جازان للطاقة، اتهمني ابن عمّي بأنني أغسل الأموال وأحوّل أصول العائلة لتحقيق مكاسب شخصية. جميع أفراد العائلة وقفوا ضدي، ورموني بالكلمات القاسية كأنني عدوهم. طردوني أنا وعائلتي كأننا كلاب ضالة. هل وقف أي إلى جانبي؟ أو قال كلمة واحدة دفاعًا عني؟"

ثم تابع، وهو يقبض على يديه بقوة حتى برزت عروقها:

"على مدار تلك السنوات، هل لديك أدنى فكرة عن الأرباح التي جلبتها للعائلة؟ أنت كرئيس للعائلة تعرف ذلك جيدًا. والأسوأ من ذلك، الأموال التي استثمرتها في شراء الأسهم، تلك الـ3 مليون دولار، لم تكن من أموال العائلة، بل كانت مدخراتي الشخصية التي جمعتها بشق الأنفس."

وأضاف بغضب مكتوم:

"على مدار العامين الماضيين، عشت حياة مذلة كصهر بلا قيمة لعائلة السعدي. هل كلف أحد من أفراد العائلة نفسه ليسأل عني أو يطمئن علي؟

لولا أزمة التمويل التي تواجهها العائلة الآن، ربما قد نسيتم أنني موجود أصلًا!"

كان صوت ياسر الصالح مليئًا بالمرارة، ويداه ترتعشان من شدة القهر وهو يحاول السيطرة على غضبه.

شعر أحمد الصالح بالإحراج وخفض رأسه قليلاً قائلاً:

"يا ياسر، نحن أخطأنا بحقك. أنا أعتذر نيابة عن العائلة... ولكن العائلة الآن في خطر كبير. نحن في حاجة ماسة إلى هذه الأموال."

رأى أحمد الصالح أن ياسر الصالح ما زال مترددًا وغير متأثر بكلامه، فتقدم خطوة وأمسك بذراعه قائلاً بجدية:

"يا ياسر، إذا وافقت على مساعدة العائلة في تجاوز هذه الأزمة، أعدك أنني سأجعلك رئيسًا تنفيذيًا لمجموعة أصوات النجوم للترفيه. يمكنك تسلّم منصبك غدًا، وسيكون هناك فريق جاهز لاستقبالك."

مجموعة أصوات النجوم للترفيه هي واحدة من الشركات الأكثر واعدة تحت مظلة عائلة الصالح، وتملكها العائلة بالكامل.

الشركة تضم عددًا من النجوم المشهورين من الدرجة الأولى، وعدة نجوم من الدرجة الثانية، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب الشابة التي تعتبر مستقبل صناعة الترفيه.

لطالما كانت مجموعة أصوات النجوم تحت إدارة ابن عمه كمال أحمد الصالح. أن يقرر أحمد التخلي عن هذه الشركة لياسر الصالح يُظهر مدى الأزمة التي وصلت إليها العائلة.

فكر ياسر الصالح قليلاً، ثم أومأ برأسه وقال:

"حسنًا، لنفعل ما قلته."

رغم أن الـ7 مليارات دولار التي طلبها لا تبدو عادلة مقابل الحصول على مجموعة أصوات النجوم، إلا أن رؤية زعيم العائلة يكاد يطأطئ رأسه إلى الأرض جعلت ياسر الصالح يوافق. في النهاية، هو لا يزال يعتبر أحمد عمه.

بعدها، استدار ياسر الصالح وغادر المكان.

كان حفل عائلة السعدي الليلة ينتظره الجميع، لكنه لم يكن الشيء الوحيد على جدول ياسر الصالح. قبل الذهاب إلى الحفل، كان لديه موعد آخر مهم: لقاء زملاء المدرسة الثانوية.

نظر ياسر الصالح إلى الوقت. التجمع على وشك أن يبدأ، ولم يكن يريد أن يتأخر.

رغم مرور السنوات، كان لا يزال يشتاق إلى رفاقه القدامى من أيام الثانوية. كانوا مجموعة مميزة، وهذه المرة قالوا إن الجميع سيحضر، بما في ذلك معلمتهم الجميلة التي كانت تُعتبر أجمل معلمة في المدرسة.

"إذا كانت ستأتي، فلا مجال للتأخر!"

في الوقت نفسه، في شركة طيف الإبداع

بعد انتهاء اجتماع مجلس الإدارة، خرجت سلمى السعدي من مكتبها ولاحظت مجموعة من الموظفات يقفن معًا يتبادلن الضحك بينما يشاهدن شيئًا على هواتفهن.

عبست سلمى السعدي بعد أن رأت هذا المشهد، إذ كان من غير المقبول لديّها أن يقضي الموظفون وقت العمل في غير مهامهم. تقدمت نحوهن لترى ما الذي يثير ضحكهن، ولاحظت أنهن يشاهدن مقطع فيديو على أحد الهواتف.

وعندما نظرت إلى الشاشة، اكتشفت أن بطل الفيديو لم يكن سوى ياسر الصالح!

في الفيديو، كان ياسر الصالح يرفع دراجته الكهربائية عن الأرض بحذر، ويقول بنبرة غاضبة:

"لا تقلقي، سأستعيد حقك!"

انفجرت الموظفات بالضحك مجددًا، وقالت إحداهن بسخرية:

"من أين ظهر هذا الغريب الأطوار؟ هذا مضحك جدًا!"

ضحكت أخرى وأضافت:

"أتدرين من هو هذا الغريب؟ إنه زوج المدير التنفيذي سلمى!"

صدمت إحداهن وقالت:

"حقًا؟! زوج سلمى السعدي؟! ذلك الذي يُقال إنها تعيله؟ كنت أظن أن الأمر مجرد إشاعات، لكن يبدو أنه صحيح."

استمرت الموظفات في الضحك والسخرية، غير مدركات أن سلمى السعدي كانت تقف خلفهن. قالت إحداهن وهي تضع هاتفها جانبًا بنبرة غامضة:

"لكنكن لا تعرفن ما الذي رأيته هذا الصباح!"

نظرت إليها الأخريات بفضول وسألنها بحماس:

"وماذا رأيت؟ أخبرينا بسرعة!"

"الأمر هو كالتالي..." بدأت المرأة تتحدث بحماس، تحكي تفاصيل القصة بالكامل، وتصف كيف أن ياسر الصالح ضرب صدره بثقة وقال إنه سيشتري عقد "مدينة السماء" لسلمى السعدي. وعندما وصلت إلى هذه النقطة، انفجرت المجموعة كلها في موجة من الضحك.

"هاهاها، مع شكله البائس هذا؟ يريد شراء 'مدينة السماء'؟ هذا بالتأكيد أطرف شيء سمعته هذا العام!"

"بالفعل، شخص يعتمد على زوجته في كل شيء، ويتحدث عن شراء عقد قيمته 20 مليون دولار؟ لا بد أنه فقد عقله!"

بينما استمروا في السخرية والاستهزاء، استدارت إحداهن لتأخذ حقيبتها، وفجأة، رأت سلمى السعدي واقفة خلفهن.

تجمدت في مكانها، وبدت كأن عقلها توقف عن العمل. شعرت البقية بالجو المتوتر، فاستدارن ليرين ما يحدث، وعندما رأين سلمى السعدي، تغيرت وجوههن فورًا.

" سلمى... سلمى السعدي، نحن... نحن..." حاولت إحداهن الكلام، لكنها لم تستطع تكوين جملة واحدة.

إحدى الموظفات، التي كانت أضعفهن جرأة، بدأت عيناها تمتلئ بالدموع وهي تنظر إلى ملامح الغضب الظاهرة على وجه سلمى السعدي.

قالت سلمى السعدي ببرود:

"عودوا إلى العمل."

ثم استدارت وغادرت المكان.

عندما عادت إلى مكتبها، لم تستطع منع دموعها من الانهمار. عضت شفتيها بشدة، تشعر بإذلال عميق. كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد؟ كرئيسة تنفيذية للشركة، كيف يمكنها الحفاظ على هيبتها الآن بعدما أصبحت أسرار عائلتها موضوعًا للسخرية داخل الشركة؟ شعرت أن حياتها انقلبت رأسًا على عقب، وعجزت عن التفكير بوضوح.

وفي الوقت نفسه، عاد ياسر الصالح إلى المنزل سعيدًا بعد يومه الطويل. ولكن بمجرد أن فتح الباب، وجد والدة زوجته، جميلة خالد الطنطاوي، جالسة على الأريكة، وقد وضعت ساقًا فوق الأخرى، ونظرة باردة على وجهها.

قالت له بلهجة صارمة:

"لقد عدت في الوقت المناسب. تعال هنا، لدي أمر أريد التحدث معك فيه."

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP