الفصل 16 حقير
في الغرفة، كان الجو مشحونًا بعض الشيء.

في النهاية، قرر وسام البغدادي التدخل.

"دكتور كمال، قال الشاب قبل أن يغادر أن هذه الإبر لا يجب إزالتها أبدًا. ألا ننتظر عودته قبل اتخاذ أي إجراء؟"

"ففي النهاية، صحة جدي هي الأهم، علينا أن نكون حذرين......"

تجمدت ملامح كمال للحظة، ثم أغلق حقيبة أدواته بقوة، وقال ببرود: "إن كنتم تعتقدون أن فريق الخبراء من مستشفى مدينة النهر الجنوبي أقل كفاءةً من ذلك الشاب الدجال، فلا داعي لاستدعائي، وقتي ثمين جدًا، ولولا علاقتي الطيبة بالسيد وسام لما أتيت على الإطلاق."

ضبط الدكتور زاهر نظارته، وضحك بسخرية: "الدكتور كمال هو كبير الأطباء في اتحاد البحار الأربعة، وقد جاء مباشرة من هناك ليجمع فريق الخبراء دون أي تأخير. لم أتوقع أن تقارن عائلة البغدادي طبيبًا كهذا بشاب دجال لا قيمة له. هذا مثير للسخرية!"

"دكتور زاهر، دكتور كمال، لقد أسأتم الفهم، لم يقصد أخي ذلك، ولكن بما أن صحة جدي على المحك، لا يمكننا المخاطرة."

"أخي، لنقم بإزالة الإبر، أعتقد أنها عديمة الفائدة وتعيق علاج الدكتور كمال." قالت لولوة البغدادي وهي تومئ بعينيها.

"صحيح، الدكتور كمال هو الثاني بعد الأطباء الوطنيين، إنه علامة مضيئة في مجال الطب بمدينتنا، أما ذلك الشاب فليس لديه أي خلفية معروفة......"

فكر وسام البغدادي قليلًا، وعلى الرغم من تردده، أومأ برأسه في النهاية.

ففي النهاية، لم يكن من الحكمة الإساءة إلى الدكتور كمال. حتى وإن كانت عائلة البغدادي من بين الأربع عائلات الكبرى في مدينة النهر الجنوبي، ذات التاريخ الطويل والقاعدة العميقة، إلا أن هذا الطبيب كمال أمامهم لا يعتمد على رزقهم.

كانت مهنة الطب دائمًا مهنة تحظى باحترام كبير، وخاصة بالنسبة لأطباء مشهورين مثل الدكتور كمال الذين يتمتعون بسمعة عظيمة وتقدير عالٍ في المجال، بالكاد يوجد من هو مستعد للمخاطرة بالإساءة إليه.

بالنسبة لعائلتهم الكبيرة والمرموقة، فإنهم يمتلكون المال والثروة والسلطة، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يمكنهم تملكه هو العمر.

لا أحد يستطيع أن يتجنب المرض والموت، سواءً كان شخصًا عاديًا، أو عملاقًا يمتلك القوة والنفوذ، فالأطباء المرموقون مثل الدكتور كمال هم الشعاع الوحيد الذي يمكن أن ينقذهم من الموت إذا واجهوا مرضًا مستعصيًا.

"ههه، ألم تعتقدوا في أن بضع إبر ن ستعالج الأمراض وتطيل العمر لثلاث أو خمس سنوات؟ إذًا، لماذا نحن، أساتذة الطب الغربي الذين درسوا لعقود في الخارج، موجودون هنا؟" قال الدكتور زاهر بتفاخر رافعًا رأسه.

"علاوة على ذلك، فإن الدكتور كمال هو طبيب مزدوج، يجيد الطب الغربي والتقليدي، ففي مدينة النهر الجنوبي، لا يوجد من يتفوق عليه في العلاج بالإبر الصينية، أليس كذلك؟"

طأطأ جميع من بالغرفة رؤوسهم، ولم ينبس أحد ببنت شفة.

ظهرت لمحة من الرضا على وجه الدكتور كمال عندما ألقى نظرة أخرى على مواضع الإبر، ولم يستطع إلا أن يضحك بصوتٍ عالٍ.

فهذا الترتيب البدائي للإبر يوضح أن من قام بوضعها لا يفقه شيئًا في الطب التقليدي، بل مجرد هاوٍ!

أثناء الحديث، اندفع الدكتور زاهر بحماس وسحب كل الإبر من جسد السيد البغدادي.

وبينما كان يفتح حقيبة الأدوات ليناول الدكتور كمال المعدات، بدأت أجهزة قياس نبضات القلب المتصلة بالسيد البغدادي تصدر إنذار حاد ومزعج.

"بيب بيب بيب!"

"تي تي تي!"

كانت خطوط الإنذار الحمراء تشير إلى أن حياة السيد البغدادي في خطر شديد.

والأكثر رعبا، أن الدماء بدأت تسيل من أذنيه وأنفه وعينيه وفمه.

"كيـ... كيف حدث هذا؟"

ارتبك الدكتور زاهر، ووقف الدكتور كمال مذهولًا.

"دكتور زاهر، دكتور كمال، ماذا حدث لجدي؟" قالت لولوة البغدادي بوجهٍ شاحب.

قال وسام البغدادي ببرود: "ذلك الشاب حذرنا بعدم إزالة الإبر، لكنك لم تستمع وأصريت على فعل ذلك، الآن، من الأفضل أن تجد حلًا سريعًا."

تدفق العرق البارد على جبين الدكتور زاهر، وابتعد خطوة إلى الوراء قبل أن يقول بعناد: "هراء! هذا ليس له علاقة بإزالة الإبر. لا تضعوا اللوم علي،فبإمكان الدكتور كمال أن يشهد بذلك، الأمر ليس خطأي."

أومأ الدكتور كمال برأسه قائلًا: "لقد مارست الطب لسنوات عديدة، ولم أسمع أبدًا عن مشكلة حدثت بسبب إزالة الإبر. لا يمكنكم لوم الدكتور زاهر على هذا."

عندما سمع أفراد عائلة البغدادي هذا، أصبحت وجوههم شاحبة.

هذا الوغد يتسبب في مشكلة ويريد التملص منها؟

صرخت لولوة البغدادي والدموع تنهمر من عينيها: "دكتور زاهر، دكتور كمال، بغض النظر عن من هو المسؤول، أرجوكم أنقذوا جدي! إنه على وشك الموت، ألا ترون؟"

عقد الدكتور كمال حاجبيه بشدة، فلم يسبق له أن واجه وضعًا كهذا طوال مسيرته الطبية، وشعر بحيرةٍ تامة.

أما الدكتور زاهر، فكان أكثر ارتباكًا وعجزًا من أن يفعل أي شيء، إذ أن هذه التفاعلات المرضية العنيفة كانت خارج نطاق معرفته تمامًا، ولم يكن لديه أي حل للتعامل معها.

"إذا قمت بلمسه الآن ومات لاحقًا، ألن تلقوا باللوم علي؟ أنا لست مستعدًا لتحمل هذه المسؤولية!"

"أنت!" لم تصدق لولوة البغدادي أن هذا الكلام يصدر عن طبيب.

في لحظة غضب عارم، اندفع وسام البغدادي نحو الدكتور زاهر، وأمسك بملابسه قائلًا: "أنت يازاهر، إذا حدث أي مكروه لجدي اليوم، سأستغل كل قوة عائلتي في جعلك تدفع الثمن بحياتك!"

تراجع الدكتور زاهر بخوفٍ شديد حتى أصبحت قدماه ترتجفان، فقد كانت عائلة البغدادي واحدة من أكبر العائلات الأربع، وبإمكانها بكل سهولة محوه من الوجود، ولم يعتقد أبدًا أن تهديد وسام مجرد مزحة.

في هذه اللحظة.

-صوت الباب يُفتح-

دفع أحمد الجبوري الباب ودخل.

رأى أحمد الجبوري الغرفة في حالة من الفوضى، والسيد البغدادي ممددًا على السرير وجسده يرتجف ، فغضب، وقال بصوتٍ منخفض: "ألم أخبركم ألا تزيلوا هذه الإبر؟"

بعدما قال ذلك، تقدم بخطوات سريعة نحو السرير، واستخدم كلتا يديه لإغلاق أهم النقاط الحيوية في جسم الإنسان.

لحسن الحظ، توقف النزيف بسرعة واستقرت الحالة.

قالت لولوة البغدادي بصوتٍ باكٍ: "لقد عدت أخيرًا، أرجوك أنقذ جدي!"

نظر أحمد إليها بنظرة حادة، ثم صرخ: "هذا جنون! من الذي أزال هذه الإبر؟"

"ألم تأخذوا كلامي على محمل الجد؟"

تحولت أنظار الجميع داخل الغرفة نحو الدكتور زاهر والدكتور كمال. رأى أحمد الجبوري ذلك، وكذلك لاحظ الدكتور كمال وجوده.

"أنت؟"

قال الاثنان في نفس الوقت.

قال الدكتور كمال بغضب وهو يضغط على أسنانه: " إنه أنت مجددًا أيها الوغد الصغير!"

في تلك اللحظة، اندفع الدكتور زاهر بغضب نحو أحمد الجبوري، وأمسك بياقته قائلًا بين أسنانه: "أنت أيها الحقير، هل أنت من وضع هذه الإبر؟ هل تدرك أن إهمالك كاد يتسبب في نزيف خطير للسيد البغدادي؟ أنت طبيب فاشل، وعليك أن تتحمل المسؤولية اليوم!"

Continue lendo no Buenovela
Digitalize o código para baixar o App

Capítulos relacionados

Último capítulo

Digitalize o código para ler no App