الفصل6
في صباح اليوم التالي، تلقى عمران بن خالد مكالمة هاتفية من ليلى عبد الرحمن.

"يا زوجي، لقد تواصلت مع إحدى زميلاتي من المدرسة الثانوية وقد وافقت على مساعدتي، بل ورتبت لنا لقاءً مع رئيس مجلس إدارة مجموعة الفجر الطبي ياسين الياسمين؛ أين أنت الآن؟ لنذهب معًا إلى المجموعة ونحصل على الصفقة وحينها سيعترف جدي بك رسميًا،" جاءت كلمات ليلى عبر الهاتف بصوت مليء بالحماس.

"انتظري في المنزل، سأكون عندك حالًا."

أنهى عمران المكالمة بسرعة ونهض من سريره، ثم استعد وخرج من المنزل.

"سيدي عمران، إلى أين الوجهة؟" سأله الصقر الصغير الذي كان ينتظره بجانب السيارة.

"إلى منزل ليلى."

"تفضل بالصعود يا سيدي."

ركب عمران السيارة السوداء غير المسجلة وانطلق الصقر الصغير بها متجهًا بسرعة نحو منزل ليلى.

عند وصولهم، انتظر عمران خارج المجمع السكني الخاص بها ولم يمضِ وقت طويل حتى خرجت ليلى.

كانت قد اهتمت بمظهرها بعناية اليوم، فقد ارتدت فستانًا أنيقًا ومثيرًا يعكس جمالها، بينما انسدلت خصلات شعرها الأسود الطويل على كتفيها، ما أضفى عليها لمسة من الحيوية والجاذبية.

"زوجي!"

رأت ليلى عمران واقفًا بجانب السيارة السوداء، فهرعت نحوه بخطوات سريعة وابتسامة مشرقة على وجهها وقالت بسعادة: "لقد منحتني زميلتي كرمًا كبيرًا ورتبت لنا لقاءً مباشرًا مع رئيس مجلس إدارة مجموعة الفجر الطبي، يمكننا الذهاب مباشرة إلى المجموعة الآن."

ابتسم عمران برفق.

لم تكن ليلى تعلم أن اللقاء قد تم ترتيبه بالفعل من خلاله؛ فبدون تدخله، لم يكن ياسين الياسمين ليفكر حتى في استقبالهم ومع ذلك، لم يشأ عمران أن يفسد فرحتها، فقال مشجعًا: "كنت أعلم دائمًا أن زوجتي مذهلة، هذه المرة أعتمد عليك تمامًا، لأنه إن لم نحصل على الصفقة، سأجد نفسي مطرودًا خارجًا."

ابتسمت ليلى وارتسمت على شفتيها ابتسامة رائعة: "لا تقلق، لن أسمح أبدًا بأن يتم طردك."

كانت ليلى تجهل هوية عمران الحقيقية، لكنها كانت قد زارت قصر النجوم سابقًا، أفخم عقار في مدينة السلام، فلم تكن تتصور أن شخصًا يعيش في مثل هذا القصر الفخم يمكن أن يكون إنسانًا عاديًا.

كانت تعتقد أنها محظوظة للغاية لزواجها من رجل مثله، وشعرت بالحاجة إلى إثبات نفسها أمامه.

"يا زوجتي، لنصعد إلى السيارة."

صعدت ليلى إلى السيارة وبعدها أعطى عمران تعليماته للصقر الصغير: "خذنا إلى مجموعة الفجر الطبي."

جلست ليلى بجانب عمران، وأسندت رأسها على كتفه وفجأة تذكرت ما حدث الليلة الماضية، فقالت بفضول: "هل تعلم يا زوجي؟ حدثت كارثة كبرى ليلة أمس، قُتل رائد الصقري كبير عائلة الصقور التي تُعد الأقوى بين العائلات الأربع الكبرى."

كانت عائلة الصقور على رأس العائلات الأربع الكبرى في مدينة السلام ورائد الصقري هو زعيم تلك العائلة، فهو شخصية بارزة تُعد من الأهم في المدينة.

ليلة الأمس في حفل عائلة الصقور.

كان الحفل بمناسبة توقيع مجموعة الصقور الدولية عقدًا دائمًا مع مجموعة الفجر الطبي، مما جعل طلبات مجموعة الفجر الطبي أولوية لمجموعة الصقور الدولية، هذا الاتفاق عزز مكانة ونفوذ عائلة الصقور بشكل كبير.

كما كان الحفل احتفالًا بعيد ميلاد رائد الصقري الثمانين.

لكن الأحداث أخذت منحىً غير متوقع عندما اقتحم شخص غامض الحفل وأحضر معه تابوتًا، حيث لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل انتهى بقتل رائد الصقري وقطع رأسه؛ ففي ليلة واحدة، انتشر الخبر في مدينة السلام وأحدث ضجة كبيرة.

وقد باشرت الجهات المختصة التحقيق في الحادث، لكن دون أي تطورات أو نتائج واضحة حتى الآن.

عندما تحدثت ليلى عبد الرحمن عن الحادث، سألها عمران بن خالد بتصنع المفاجأة: "كنت نائمًا طوال الليل ولم أسمع أي شيء. هل تقصدين عائلة الصقور التي تُعتبر من العائلات الكبرى في مدينة السلام؟"

"بالضبط"، أجابت ليلى: "عائلة الصقور هي العائلة الأهم بين العائلات الأربع الكبرى في مدينة السلام، تمتلك شركات لا تعد ولا تحصى ومجموعة الصقور الدولية وحدها أقوى من جميع شركات عائلتنا مجتمعة، بالإضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى."

على وجه ليلى ارتسمت ملامح الإعجاب، وأضافت: "كل نساء مدينة السلام يحلمن بالزواج من أحد أفراد عائلة الصقور ليصبحن زوجات في عائلة غنية."

ابتسم عمران بهدوء وقال: "ألم تكن لديك فرصة الأمس؟ كان يمكنكِ الطلاق مني والزواج من أحدهم."

ردت ليلى بتهكم: "ما الفائدة من العائلات الغنية؟ خلال العشر سنوات الماضية، عانيت بما يكفي من التهكم والاحتقار، بالنسبة لهم أنا مجرد مزحة؛ فأعرف من يهتم بي ومن لا، لا أريد الزواج من أحد في تلك العائلات وزوجي بالفعل شخص من عائلة غنية."

ابتسمت وهي تتحدث، وقد بدت على وجهها سعادة حقيقية.

شعر عمران بدفء كلماتها، وأمسك يدها بلطف.

كان الصقر الصغير يقود السيارة بصمت. وسرعان ما وصلوا إلى مقر مجموعة الفجر الطبي.

مجموعة الفجر الطبي هي إحدى شركات عائلة الياسمين في مدينة النور، وتعد مجموعة دولية كبيرة.

كان مقر المجموعة مبنى فخمًا مكونًا من ثمانية طوابق، يعكس الهيبة والثراء.

نزل عمران وليلى من السيارة.

نظرت ليلى إلى المبنى الضخم أمامها وقد بدت متأثرة للغاية.

في السنوات العشر الماضية، نادرًا ما كانت تخرج من منزلها، لكن قلبها كان يتوق لاستكشاف العالم الخارجي، حيث كانت تستثمر وقتها في التعلم، على أمل أن يأتي اليوم الذي تتحرر فيه وتطير عاليًا في سماء أوسع.

أخرجت هاتفها واتصلت بزميلتها من المدرسة الثانوية.

بعد حوالي عشرين دقيقة، ظهرت امرأة متبرجة بشدة ترتدي تنورة عمل رسمية وعندما رأت ليلى عبد الرحمن تقف أمام المبنى، بدت عليها ملامح الدهشة.

بالأمس، أخبرتها ليلى أنها استعادت جمالها وأرسلت لها صورة كدليل، لكنها لم تصدق حينها؛ الآن وبعد أن رأت جمال ليلى الفاتن، لم تستطع إخفاء نظرات الغيرة.

اقتربت منها وسألتها بتردد: "هل أنتِ ليلى؟"

تقدمت ليلى نحوها بفرح وأمسكت بيدها وقالت بحماسة: "جميلة، إنها أنا! لم أكن أتصور أنكِ أصبحتِ بهذا النجاح، وأصبحتِ مديرة قسم في مجموعة الفجر الطبي."

شعرت جميلة عارف بسعادة تغذي غرورها وابتسمت قائلة: "لا شيء، مجرد وظيفة نعيش منها، يا ليلى إذا كنتِ تريدين مقابلة رئيس مجلس الإدارة، فيجب أن تحصلين على موافقة المدير العام، هيا بنا."

"ماذا؟" تفاجأت ليلى.

أثناء حديثهما عبر تطبيق الواتس أب بالأمس، قالت جميلة إنها رتبت اللقاء مع رئيس مجلس الإدارة ياسين الياسمين.

أضافت جميلة: "يا ليلى، عليكِ أن تفهمي، الحصول على طلب من مجموعة الفجر الطبي ليس بالأمر السهل، يجب أن تكون هناك بعض التضحيات......" واقتربت منها لتهمس في أذنها بكلمات.

عند سماع ذلك، رفضت ليلى بحزم: "هذا مستحيل."

تغيرت تعابير جميلة على الفور وقالت بنفاد صبر: "ليلى إذا لم تقدمي شيئًا كيف ستحصلين على شيءٍ بالمقابل؟ لقد أرسلت صورتك إلى المدير العام وأكد لي أنه إذا وافقتِ على قضاء ليلة معه، فلن تحتاجي إلى رؤية رئيس مجلس الإدارة؛ سيقوم المدير بالموافقة على الطلب بنفسه."

ردت ليلى بغضب: "يا جميلة، كنتُ أعتبركِ صديقة، ماذا تعتبرينني أنتِ؟"

ردت جميلة بازدراء: "هل تتوقعين الحصول على الصفقة دون تقديم تنازلات؟ هذا غير ممك،. فكري جيدًا وأخبريني بما تقررين" ثم استدارت وغادرت، وسمعت خطوات كعب حذائها على الأرضية.

كانت ليلى على وشك البكاء، استدارت نحو عمران بن خالد الذي كان يقف بصمت طوال الوقت وعيناها مغرورقتان بالدموع: "هل أنا ضعيفة لهذا الحد؟"

أجابها عمران مطمئنًا: "بالطبع لا إن زوجتي ليست ضعيفة، اذهبي واطلبي مقابلة ياسين بنفسك، أنا متأكد أنه سيقابلك. سأنتظرك في السيارة."

دفعها عمران بلطف نحو مبنى مجموعة الفجر الطبي.

ولكن في تلك اللحظة، عادت جميلة عارف مرة أخرى وبرفقتها رجل في منتصف العمر.

كان الرجل يرتدي بدلة أنيقة وربطة عنق، مما جعله يبدو كأنه أحد رجال الأعمال الناجحين.

كانت جميلة تمسك بذراعه بابتسامة عريضة وقالت: "يا ليلى هذا هو كريم الحسن، المدير العام لمجموعة الفجر الطبي والمسؤول عن تحديد الشركات التي تحصل على الصفقات."

كانت جميلة قد تمكنت من الوصول إلى منصبها الحالي من خلال علاقتها بكريم الحسن حيث أصبحت عشيقته.

أرسلت جميلة صورة ليلى إلى كريم في الليلة السابقة وقد أثارت إعجابه على الفور وعدها بأنه إذا تمكنت من إقناع ليلى بالاستسلام لرغباته، فإنه سيكافئها بترقية لمنصب نائب المدير.

عندما رأى كريم ليلى شخصيًا، كان انبهاره بها أكبر، حيث كانت أجمل وأكثر جاذبية من صورتها، فقرر في تلك اللحظة أنه يجب أن يفوز بها بأي ثمن.

تقدم كريم بثقة نحو ليلى وقال بصوت مفعم بالغرور: "ليلى عبد الرحمن، جميلة أخبرتني بكل شيء، ما رأيك أن نذهب إلى الفندق لنتحدث في أجواء أكثر راحة؟ لا تقلقي، بوجودي يمكنك الحصول على طلبية بقيمة خمسة ملايين، بل حتى ثمانية ملايين."

Sigue leyendo en Buenovela
Escanea el código para descargar la APP

Capítulos relacionados

Último capítulo

Escanea el código para leer en la APP