وجدت صعوبة في تصديق ذلك.لقد طُردت وفاء من عائلة غالب، وأصبحت مخزية.كانت تعيش في هذا المكان المتهالك الذي تقرف أن تعيش فيه الحيوانات، ويقال إنها كانت تزرع الأعشاب لكسب لقمة العيش.كانت هذه الحياة بعيدة كل البعد عن حياتها كشخصية مشهورة!لقد توقعت أن تكون وفاء متسخة، مغطاة بأوراق الأعشاب، وتبدو وكأنها امرأة قروية شاحبة، نحيفة، وشعرها جاف.لقد أتت اليوم لترى سقوطها، لكن مظهر وفاءالحالي لم يكن كما تخيلته.لقد أضافت السنوات طبقة من الهدوء والنعومة الناضجة إلى وفاء. لقد منحها كونها أمًا وتربية الأطفال لمسة عاطفية ناعمة. مقارنة بأيامها كابنة كبرى لعائلة غالب، أصبحت الآن أكثر سحرًا.أصدرت شذى صوت زمجرة، وشعرت ببعض المرارة.لم تكن قادرة على مجاراة المقارنة بينهم، حتى الآن لا تزال غير قادرة على ذلك؟لم تستطع المقاومة، فتحدثت لاستفزاز وفاء: "أختي، أنا هنا اليوم بناءًا على أوامر والدي. بعد كل هذه السنوات من الفرقة بينكم، انزاحت الغمامة وأدرك بعض الأشياء بما فيها أن ما حدث بالماضي، ليس خطأك بالكامل. لكنه لا يستطيع أن يواجهك، لذلك انتهز تلك الفرصة و أرسلني لدعوتك. لن ترفضي، أليس كذلك؟"أخرجت شذى د
عندما أنهت وفاء الأوراق وعادت إلى الجناح، كانت الجدة ليلى قد استيقظت بالفعل.كانت مستلقية على السرير، ورأسها ملفوف بضمادات بيضاء سميكة، ومحلول وريدي في يدها. كانت تحاول الجلوس.عندها ركضت وفاء إليها بسرعة، وساعدتها على النهوض، ووضعت وسادة خلفها."جدتي، أنت مستيقظة. هل تشعرين بأي انزعاج؟" سألت بقلق.أمسكت الجدة ليلى بجبينها وأجابت: "صداع بسيط فقط، لا شيء آخر. لقد جاء الطبيب للتو وقال إنه ليس شيئًا خطيرًا، فقط بحاجة إلى بعض الأدوية."تنفست وفاء الصعداء وجلست على الكرسي بجانبها."وفاء، بمجرد الانتهاء من هذا المحلول الوريدي، فلنغادر المستشفى. إن البقاء هنا يكلف الكثير من المال، وهو مجرد مشكلة بسيطة." قالت الجدة ليلى، وهي تنظر إلى كيس المحلول الوريدي الفارغ تقريبًا."جدتي، لقد دفعت بالفعل اليوم."إذا غادرنا الآن، فلن يتم استرداد الأموال. حالتك لا تزال غير مستقرة. يجب أن نبقى ليوم واحد لمراقبة حالتك، وإذا كان كل شيء على ما يرام غدًا، فسنغادر." قالت وفاء و مدت يدها لمواساة إياها بلطف. لقد توقعت قلق جدتها وأنها ستقول ذلك، لذلك قامت بإجراءات تسجيل الدخول في المستشفى مسبقاً.كان إنفاق المال مشكل
"لقد نشأت وفاء في الخارج، لذا من الطبيعي أن تفتقر إلى الأخلاق." قالت فايزة وهي تنظر بقلق إلى زوجها قبل تغيير الموضوع: "عادل، لقد خططنا في الأصل استغلال موضوع زفاف شذى لتحسين الأمور مع وفاء، ولكن عند رؤيتها على هذا النحو، ربما لن تعود بسهولة."زمجرد عادل ببرود، ووجهه مليء بالانفعال:"سواء أرادت ذلك أم لا، يجب أن تعود. سأجد طريقة، فلا أستطيع تركها بمفردها! علاوة على ذلك، عندما يحين الوقت و تأتي عائلة الدالي لطلبها، أين سنجد عروسة أخرى؟ إنه لشرف لها أن تكون عائلة الدالي على استعداد للزواج منها على الرغم من عفتها المفقودة وفضيحتها. فقط الأحمق من يرفض."كان الغرض الحقيقي من استدعاء وفاء مرة أخرى هو ترتيب زواج من عائلة الدالي. كانت عائلة الدالي عائلة بارزة وثريّة في مدينة المنصورة، معروفة بأن كل أفراد العائلة عبر اختلاف الأجيال موهوبين.لكن عائلة الدالي المعروفة بكبر ثروتهم وأنهم عائلة جيدة في كل شئ. كان من المؤسف أن يكون لديها فرد في الجيل الثاني من العائلة معروف بالمستهتر.كان هذا شاب زير نساء سيئ السمعة.بسبب سوء سلوكيات و عواقب تهوره، تعرض مؤخرًا لحادث سيارة، وفقد إحدى ساقيه، وسُمع أنه
"الاسم الكامل لصديقتها نورا هو نورا هدايت، وكانت أفضل صديقة لها. لقد تعرفا على بعضهما البعض منذ المدرسة الثانوية، منذ ما يقرب من عشر سنوات الآن.على مر السنين، ساعدتها نورا كثيرًا وكانت بمثابة الأم البديلة لطفليها.شعرت الجدة ليلى بالارتياح عند سماع اسمها وتوقفت عن طرح الأسئلة.كان لدى نورا مفتاح لمنزلهم، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تساعد فيها في رعاية الأطفال.قضت وفاء الليل في المستشفى، تراقب جدتها، التي نامت بسلام وظلت مستقرة. ومع ذلك، بالكاد نامت وفاء، وكانت قلقة باستمرار بشأن جدتها.في صباح اليوم التالي، جاء الطبيب للاطمئنان على الجدة ليلى وأمر بإجراء فحوصات مختلفة. بعد فترة، ظهرت النتائج كلها طبيعية، واقترح الطبيب خروجها.بعدما تأكدوا أن كل شئ على ما يرام، شعروا بالارتياح. وحزموا أمتعتهم،وبعد انهاء الإجراءات، وبرفقة الجدة اتجهوا إلى المنزل بسعادة.عندما وصلوا إلى مدخل حيهم، لاحظوا مجموعة من الجيران المسنين الذين تجمعوا لمناقشة شيء ما. لم تلتقط وفاء سوى مقتطفات من كلامهم مثل "سيارة فاخرة"، "لا يبدو كشخص جيد"، و"تحصيل الديون"، لكنها لم تنتبه كثيرًا، معتقدة أن الأمر لا يهمها
لم يكن الشخص الجالس على الأريكة سوا هيثم.وكان يقف بجانبه مساعده عماد، مرتديًا نظارته ذات الإطار الذهبي.كانا يفحصان الغرفة، التي كانت صغيرة ولكنها مزينة بعناية.مليئة بأجواء دافئة ومريحة.عند سماع كلمات نورا، أصيبا بالذهول للحظة وحوّلا نظرهما إلى الطفلين خلفها.لاحظت نورا تحول انتباههما.وعانقت الطفلين بالقرب منها و تراجعت للوراء وكانت عيناها مليئة باليقظة.كانت متوترة، تتذكر تقارير إخبارية عن الاتجار بالأطفال.اذا لو استهدفوا الأطفال؟ ماذا يمكنها أن تفعل؟ كانت في وضع ضعيف.اختبأت الفتاة الصغيرة كارمن تمامًا خلف نورا، خائفة جدًا من النظر إليهما.على النقيض كان مالك، الصبي شجاعًا، يحدق في الرجال بنظرة حذرة و ليس بها خوف.لمس هيثم ذقنه، ثم نظر للطفلين شعر بأنهم مثيرين للاهتمام لسبب لا يعلمه.تذكر عندما ألتقي بوفاء في حادث السيارة.تذكر بشكل مبهم عندما ألتقي بوفاء في حادثة السيارة السابقة، كان برافقتها طفلين، على الأرجح كانوا هذين الطفلين.كانت أعمارهم حوالي أربع أو خمس سنوات، وقت الحادثة لم يستطيع التركيز عليهم، لكمن الآن يمكنه ألقاء نظرة فاحصة على ملامحهم الدقيقة الجميلة.كان كلاهما ي
تغير وجه وفاء وبدت عاجزة بعض الشيء،لكن أتضح الأمر أنه على هذا النحو.لم تلاحظ نورا تعبير وجهها، وشرحت ما حدث للتو: "يا وفاء، كنت ألعب مع الأطفال عندما اقتحم هؤلاء الأشخاص المكان. لقد أخافونا حتى الموت."انحنت بالقرب من أذن وفاء وهمست:"لا تخافي. إذا تجرأوا على التسبب في المتاعب، فسوف نتصل بالشرطة."كما أمسك مالك و كارمن بأصابع وفاء، وكانت تعابير وجههما حازمة، كما لو كانا يحاولان منحها الشجاعة.لم تستطع إلا أن تضحك وتبكي، وهي تربت على ظهور الأطفال وتهدئهم: "أمكم بخير، لا تخافوا".ثم التفتت إلى نورا : "لا بأس، لن يسببوا المتاعب."عابسة، حولت نظرتها إلى هيثم، وكانت نبرتها ملطخة بالغضب."لماذا لم تخبرنا قبل مجيئك؟ "انظر إلى الضجة التي أحدثتها، لقد أخفت عائلتي."قال عماد، وهي يشعر بالحرج قليلاً:"آسف لإخافة عائلتك، آنسة وفاء. لم نقصد ذلك. كان الموقف عاجلاً، لذلك أتينا دون سابق إنذار."وقفت نورا، وهي ترى تغير الموقف، هناك مذهولة: "ما الذي يحدث؟"طمأنت صديقتها المقربة، "لا بأس، إنهم هنا من أجلي، لا توجد نوايا سيئة. جدتي في الطابق السفلي في منزل العمة فاطمة. خذي مالك و كارمن للعثور عليهما. سأشر
وقف مالك و كارمن خلف وفاء يتبادلان نظرات حائرة.لم يفهما لماذا تعاملت والدتهما فجأة مع هذا العم الوسيم. على الرغم من ارتباكهما، لم يجرؤا على المقاطعة وشاهدا بهدوء فقط."مواء~"جاء صوت مواء القطة ناعم من خارج الباب. لكن تم ترك القطتين الصغيرتين خارج الباب.نظرا إلى بعضهما البعض، وأدركا أن قطتيهما جاءتا تبحثان عنهما. مشيا على أطراف أصابعهما، وفتحا الباب، والتقط كل منهما قطة صغيرة، وعادا لمراقبة والدتهما.قامت وفاء بتعقيم الإبر بمهارة."لنبدأ."أومأت برأسها بسرعة، وبسهولة متمرسة، أدخلت إبرة في ظهر هيثم. كانت سريعة لدرجة أنه لم يشعر بالألم حتى قبل الانتهاء، تاركة وجعًا طفيفًا.ألتقت نظرات مالك و كارمن اللذان شعرا بالملل بنظرة هيثم.الموقف حاد، لكن يجعل الناس يشعرون بالود لسبب غير مفهوم."عمي الوسيم، إذن لم تأت إلى منزلنا لطلب المال حقًا."تحدثت كارمن بشجاعة، وكان صوتها ناعمًا وحلوًا.شعرت أن هذا العم لا يبدو مخيفًا على الإطلاق.نظر إليها هيثم، وأخيرًا سنحت له الفرصة لمراقبة الفتاة الصغيرة عن كثب.كانت تشع بهالة من الذكاء و الجمال، بسلوك ناعم وحلو، تبتسم مثل ملاك صغير.سماع صوتها يشعرك بالش
لاحظ عماد رد فعلها باهتمام، وكان متفاجئًا إلى حد ما.لو كان أي شخص آخر، يعرف هوية سيدهم الشاب المرموقة، لكانوا حريصين على كسب الود.لكن الآنسة وفاء بدت مندهشة للحظة فقط واستعادت رباطة جأشها بسرعة.لقد كان مرتبكاً بعض الشئ، ألم تكن تعرف ماذا تمثل هذه الهوية؟على الرغم من فضوله، لم يكن يريد التباهي أمام الآخرين.بعد أن أمضى وقتًا طويلاً في عالم الأعمال، كان يعرف أهمية البقاء متواضعًا.بحلول هذا الوقت، أنهت وفاء الوخز بالإبر.فحصت بعناية كل إبرة للتأكد من الضغط الصحيح.تنهدت بارتياح، ووقفت."انتهى الأمر. لا تحرك الإبر التي على ظهره. سأعود لإزالتها في غضون نصف ساعة." قالتها وفاء برشاقة لعماد.ثم توجهت لأطفالها قائلة: "كارمن، تعالي مع أمك لإعداد الدواء. مالك، ابقى هنا أحسب الوقت. أخبرني عندما يحين الوقت."أومأ الأطفال برؤوسهم مطيعين. أخذت يد كارمن الصغيرة الناعمة وغادرت غرفة النوم.راقبهم مالك وهم يغادرون، ثم ذهب إلى غرفة المعيشة.عندما عاد، كان يحمل ساعة توقيت ولعبة في يديه.وضع ساعة الإيقاف على طاولة السرير وجلس على كرسي قريب.يلعب بمكعب روبيك، دون التحدث إلى أي شخص.تحركت يداه بسرعة، وخل